للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَسَأَلْته فَوَضَعَ عَنّي عَشْرًا، ثُمّ لَمْ يَزَلْ يَقُولُ لِي مِثْلَ ذَلِكَ كُلّمَا رَجَعْت إلَيْهِ قَالَ فَارْجِعْ فَاسْأَلْ حَتّى انْتَهَيْت إلَى أَنْ وُضِعَ ذَلِكَ عَنّي، إلّا خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلّ يَوْمٍ

ــ

الْوَلَدَ فِي حُكْمِ الشّرِيعَةِ لِلْفِرَاشِ إلّا أَنْ يُنْفَى بِاللّعَانِ فَإِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِهَذَا، وَعَلِمَ الْوَلَدُ عِنْدَ بُلُوغِهِ خِلَافَ مَا حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ لَمْ يَحِلّ لَهُ بِهَذَا الْحُكْمِ مَا حَرّمَ اللهُ عَلَيْهِ مِنْ أَكْلِ الْحَرَائِبِ وَالِاطّلَاعِ عَلَى الْعَوْرَاتِ وَفِي هَذَا رَدّ لِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ قَوْلِهِ إنّ حُكْمَ الْحَاكِمِ قَدْ يُحِلّ مَا يَعْلَمُ أَنّهُ حَرَامٌ مِثْلُ أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنّهُ طَلّقَ وَهُمَا يَعْلَمَانِ أَنّهُ لَمْ يُطَلّقْ فَيَقْبَلَ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا فَيُطَلّقَ الْمَرْأَةَ عَلَى الرّجُلِ فَإِذَا بَانَتْ مِنْهُ كَانَ لِأَحَدِ الشّاهِدَيْنِ أَنْ يَنْكِحَهَا مَعَ عِلْمِهِ بِأَنّهُ قَدْ شَهِدَ زُورًا، لَمْ يَقُلْ أَبُو حَنِيفَةَ بِهَذَا الْقَوْلِ فِي الْأَمْوَالِ لِقَوْلِ النّبِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ "إنّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيّ وَلَعَلّ أَحَدَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجّتِهِ مِنْ صَاحِبِهِ فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ فَمَنْ قَضَيْت لَهُ بِشَيْءِ مِنْ حَقّ أَخِيهِ فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النّارِ" فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعَ الّذِي تَقَدّمَ رَدّ لِمَذْهَبِهِ وَلَا حُجّةَ لَهُ فِي أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِالْأَمْوَالِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنّ الْقِيَاسَ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِهِ وَقِيَاسُ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاحِدٌ الثّانِي: أَنّهُ قَالَ مِنْ حَقّ أَخِيهِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْ مَالِ أَخِيهِ وَهَذَا لَفْظٌ يَعُمّ الْحُقُوقَ كُلّهَا.

قَالَ الْمُؤَلّفُ: وَعِنْدِي أَنّ أَبَا حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ إنّمَا بَنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَصْلِهِ فِي طَلَاقِ الْمُكْرَهِ فَإِنّهُ عِنْدَهُ لَازِمٌ فَإِذَا أُكْرِهَ الرّجُلُ عَلَى الطّلَاقِ وَقُلْنَا يَلْزَمُ الطّلَاقُ لَهُ فَقَدْ حُرّمَتْ الْمَرْأَةُ عَلَيْهِ وَإِذَا حُرّمَتْ عَلَيْهِ جَازَ أَنْ يَنْكِحَهَا مَنْ شَاءَ فَالْإِثْمُ إنّمَا تَعَلّقَ فِي هَذَا الْمَذْهَبِ بِالشّهَادَةِ دُونَ النّكَاحِ وَقَدْ خَالَفَهُ فُقَهَاءُ الْحِجَازِ فِي طَلَاقِ الْمُكْرَهِ وَقَوْلُهُمْ يُعَضّدُهُ الْأَثَرُ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ يُعَضّدُهُ النّظَرُ وَالْخَوْضُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَصُدّنَا عَمّا نَحْنُ بِسَبِيلِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>