للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ خَالِدٌ سَمِعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَجُلًا يَقُولُ يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ فَقَالَ عُمَرُ اللهُمّ غَفْرًا، أَمَا رَضِيتُمْ أَنْ تَسَمّوْا بِالْأَنْبِيَاءِ حَتّى تَسَمّيْتُمْ بِالْمَلَائِكَةِ؟

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَاَللهُ أَعْلَمُ أَيّ ذَلِكَ كَانَ أَقَالَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْ لَا؟ فَإِنْ كَانَ قَالَهُ فَالْحَقّ مَا قَالَ. ــ

حُكْمُ التّسَمّي بِأَسْمَاءِ النّبِيّينَ:

وَأَمّا قَوْلُ عُمَرَ لِرَجُلِ سَمِعَهُ يَقُولُ يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ لَمْ يَكْفِكُمْ أَنْ تَتَسَمّوْا بِالْأَنْبِيَاءِ حَتّى تَسَمّيْتُمْ بِالْمَلَائِكَةِ إنْ كَانَ عُمَرُ قَالَهُ بِتَوْقِيفِ مِنْ الرّسُولِ عَلَيْهِ السّلَامُ فَهُوَ مَلَكٌ لَا يَقُولُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلّا الْحَقّ وَإِنْ كَانَ قَالَهُ بِتَأْوِيلِ تَأَوّلَهُ [فَقَدْ] خَالَفَهُ عَلِيّ فِي الْخَبَرِ الْمُتَقَدّمِ وَاَللهُ أَعْلَمُ أَيّ الْخَبَرَيْنِ أَصَحّ نَقْلًا، غَيْرَ أَنّ الرّوَايَةَ الْمُتَقَدّمَةَ عَنْ عَلِيّ يُقَوّيهَا مَا نَقَلَهُ أَهْلُ الْأَخْبَارِ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ وَاَللهُ أَعْلَمُ. وَكَانَ مِنْ مَذْهَبِ عُمَرَ رَحِمَهُ اللهُ كَرَاهِيَةُ التّسَمّي بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ فَقَدْ أَنْكَرَ عَلَى الْمُغِيرَةِ تَكْنِيَتُهُ بِأَبِي عِيسَى، وَأَنْكَرَ عَلَى صُهَيْبٍ تَكْنِيَتَهُ بِأَبِي يَحْيَى، فَأَخْبَرَ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَنّاهُ بِذَلِكَ فَسَكَتَ وَكَانَ عُمَرُ إنّمَا كَرِهَ مِنْ ذَلِكَ الْإِكْثَارَ وَأَنْ يَظُنّ أَنّ لِلْمُسْلِمِينَ شَرَفًا فِي الِاسْمِ إذَا سُمّيَ بِاسْمِ نَبِيّ أَوْ أَنّهُ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ فَكَأَنّهُ اسْتَشْعَرَ مِنْ رَعِيّتِهِ هَذَا الْغَرَضَ أَوْ نَحْوَهُ هُوَ أَعْلَمُ بِمَا كَرِهَ مِنْ ذَلِكَ. وَإِلّا فَقَدْ سَمّى بِمُحَمّدِ طَائِفَةٌ مِنْ الصّحَابَةِ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعَلِيّ وَطَلْحَةُ وَأَبُو حُذَيْفَةَ وَأَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ وَخَاطِبٌ وَخَطّابٌ ابْنَا الْحَارِثِ كُلّ هَؤُلَاءِ الْمُحَمّدِينَ كَانُوا يُكَنّونَ بِأَبِي الْقَاسِمِ إلّا مُحَمّدَ بْنَ خَطّابٍ وَسَمّى أَبُو مُوسَى ابْنًا لَهُ بِمُوسَى، فَكَانَ يُكَنّى بِهِ وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ سَمّى ابْنَهُ بِيَحْيَى، وَعَلِمَ بِهِ النّبِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ وَكَانَ لِطَلْحَةِ عَشَرَةٌ مِنْ الْوَلَدِ كُلّهُمْ يُسَمّى بِاسْمِ نَبِيّ مِنْهُمْ مُوسَى بْنُ طَلْحَةَ عِيسَى، وَإِسْحَاقُ وَيَعْقُوبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>