وَكَانَ مِنْ خَبَرِ ذِي الْقَرْنَيْنِ أَنّهُ أُوتِيَ مَا لَمْ يُؤْتَ أَحَدٌ غَيْرُهُ فَمُدّتْ لَهُ الْأَسْبَابُ حَتّى انْتَهَى مِنْ الْبِلَادِ إلَى مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا، لَا يَطَأُ أَرْضًا إلّا سُلّطَ عَلَى أَهْلِهَا، حَتّى انْتَهَى مِنْ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ إلَى مَا لَيْسَ وَرَاءَهُ شَيْءٌ مِنْ الْخَلْقِ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدّثَنِي مَنْ يَسُوقُ الْأَحَادِيثَ عَنْ الْأَعَاجِمِ، فِيمَا تَوَارَثُوا مِنْ عِلْمِهِ أَنّ ذَا الْقَرْنَيْنِ كَانَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، اسْمُهُ مَرْزُبَانُ بْنُ مَرْذَبَةَ الْيُونَانِيّ، مِنْ وَلَدِ يُونَانِ بْنِ يافث بْنِ نُوحٍ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَاسْمُهُ الْإِسْكَنْدَرُ وَهُوَ الّذِي بَنَى الْإسْكَنْدَريَّة، فَنُسِبَتْ إلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدْ حَدّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ الْكُلَاعِيّ وَكَانَ رَجُلًا قَدْ أَدْرَكَ أَنّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ فَقَالَ "مَلِكٌ مَسَحَ الْأَرْضَ مِنْ تَحْتِهَا بِالْأَسْبَابِ"
ــ
تُسَمّي الْخُصْلَةَ مِنْ الشّعَرِ قَرْنًا، وَقِيلَ إنّهُ رَأَى فِي الْمَنَامِ رُؤْيَا طَوِيلَةً أَنّهُ أَخَذَ بِقَرْنَيْ الشّمْسِ فَكَانَ التّأْوِيلُ أَنّهُ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ وَذَكَرَ هَذَا الْخَبَرَ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الْقَيْرَوَانِيّ الْعَابِدُ فِي كِتَابِ الْبُسْتَانِ لَهُ قَالَ وَبِهَذَا سُمّيَ ذَا الْقَرْنَيْنِ وَأَمّا اسْمُهُ فَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ فِي هَذَا الْكِتَابِ اسْمُهُ مَرْزَبَى بْنُ مَرْذَبَةَ بِذَالٍ مَفْتُوحَةٍ فِي اسْمِ أَبِيهِ وَزَايٍ فِي اسْمِهِ وَقِيلَ فِيهِ هَرْمَسَ وَقِيلَ هرديس. وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ اسْمُهُ الصّعْبُ بْنُ ذِي مَرَاثِدَ وَهُوَ أَوّلُ التّبَابِعَةِ، وَهُوَ الّذِي حَكَمَ لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السّلَامُ فِي بِئْرِ السّبْعِ حِينَ حَاكَمَ إلَيْهِ فِيهَا، وَقِيلَ إنّهُ أفريدون بْنُ أَثَفَيَانِ الّذِي قَتَلَ الضّحّاكَ، وَيُرْوَى فِي خُطْبَةِ قَيْسِ بْنِ سَاعِدَةَ الّتِي خَطَبَهَا بِسُوقِ عُكَاظٍ، أَنّهُ قَالَ فِيهَا: يَا مَعْشَرَ إبَادٍ أَيْنَ الصّعْبُ ذُو الْقَرْنَيْنِ مَلِكُ الْخَافِقَيْنِ وَأَذَلّ الثّقَلَيْنِ وَعَمّرَ أَلْفَيْنِ ثُمّ كَانَ ذَلِكَ كَلَحْظَةِ عَيْنٍ وَأَنْشَدَ ابْنُ هِشَامٍ لِلْأَعْشَى:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute