سَقَاك بِهَا الْمَأْمُونُ كَأْسًا رَوِيّةً ... فَأَنْهَلَكَ الْمَأْمُونُ مِنْهَا وَعَلّكَا
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُرْوَى " الْمَأْمُورُ ". وَقَوْلُهُ " فَبَيّنْ لَنَا " عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ.
وَأَنْشَدَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشّعْرِ وَحَدِيثِهِ
مَنْ مُبْلِغٌ عَنّي بُجَيْرًا رِسَالَةً ... فَهَلْ لَك فِيمَا قُلْت بِالْخَيْفِ هَلْ لَكَا
شَرِبْت مَعَ الْمَأْمُونِ كَأْسًا رَوِيّةً ... فَأَنْهَلَكَ الْمَأْمُونُ مِنْهَا وَعَلّكَا
وَخَالَفْت أَسْبَابَ الْهُدَى وَاتّبَعْته ... عَلَى أَيّ شَيْءٍ وَيْبَ غَيْرِك دَلّكَا
عَلَى خُلُقٍ لَمْ تُلْفِ أُمّا وَلَا أَبًا ... عَلَيْهِ وَلَمْ تُدْرِكْ عَلَيْهِ أَخًا لَكَا
فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ فَلَسْت بِآسِفٍ ... وَلَا قَائِلٍ إمّا عَثَرْت لَعًا لَكَا
قَالَ وَبَعَثَ بِهَا إلَى بُجَيْرٍ فَلَمّا أَتَتْ بُجَيْرًا كَرِهَ أَنْ يَكْتُمَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْشَدَهُ إيّاهَا, فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمّا سَمِعَ " سَقَاك بِهَا الْمَأْمُونُ" صَدَقَ وَإِنّهُ لَكَذُوب أَنَا الْمَأْمُونُ: وَلَمّا سَمِعَ "عَلَى خُلُقٍ لَمْ تُلْفِ أُمّا وَلَا أَبًا عَلَيْهِ" قَالَ " أَجَلْ لَمْ يُلْفِ عَلَيْهِ أَبَاهُ وَلَا أُمّهُ "
ــ
وَفِي شِعْرِ كَعْبٍ إلَى أَخِيهِ بُجَيْرٍ
سَقَاك بِهِ الْمَأْمُونُ كَأْسًا رَوِيّةً
وَيُرْوَى: الْمَحْمُودُ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ ابْنِ إسْحَاقَ, أَرَادَ بِالْمَحْمُودِ مُحَمّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَذَلِكَ الْمَأْمُونُ وَالْأَمِينُ كَانَتْ قُرَيْشٌ تُسَمّي بِهِمَا النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ النّبُوّةِ.
وَقَوْلُهُ لِأَخِيهِ بُجَيْرٍ
عَلَى خُلُقٍ لَمْ تُلْفِ أُمّا وَلَا أَبًا ... عَلَيْهِ وَلَمْ تُدْرِكْ عَلَيْهِ أَخَا لَكَا
إنّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنّ أُمّهُمَا وَاحِدَةٌ وَهِيَ كَبْشَةُ بِنْتُ عَمّارٍ السّحَيْمِيّةُ فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ الْأَعْرَابِيّ عَنْ ابْنِ الْكَلْبِيّ.
وَقَوْلُهُ إمّا عَثَرْت لَعًا لَكَا, كَلِمَةٌ تُقَالُ لِلْعَاثِرِ دُعَاءً لَهُ بِالْإِقَالَةِ قَالَ الْأَعْشَى: