أَمْرُ الْأَسْوَدِ الرّاعِي فِي حَدِيث خَيْبَر
إِسْلَامه واستشهاده:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ:
وَكَانَ مِنْ حَدِيث الْأَسْوَدِ الرّاعِي، فِيمَا بَلَغَنِي: أَنّهُ أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحَاصِرٌ لِبَعْضِ حُصُونِ خَيْبَرَ، وَمَعَهُ غَنَمٌ لَهُ كَانَ فِيهَا أَجِيرًا لِرَجُلِ مِنْ يَهُودَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ اعْرِضْ عَلَيّ الْإِسْلَامَ فَعَرَضَهُ عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ - وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُحَقّرُ أَحَدًا أَنْ يَدْعُوَهُ إلَى الْإِسْلَامِ وَيَعْرِضَهُ عَلَيْهِ - فَلَمّا أَسْلَمَ قَالَ يَا رَسُولَ اللهِ إنّي كُنْت أَجِيرًا لِصَاحِبِ هَذِهِ الْغَنَمِ وَهِيَ أَمَانَةٌ عِنْدِي، فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِهَا؟ قَالَ اضْرِبْ فِي وُجُوهِهَا فَإِنّهَا سَتَرْجِعُ إلَى رَبّهَا - أَوْ كَمَا قَالَ - فَقَالَ الْأَسْوَدُ فَأَخَذَ حَفْنَةً مِنْ الْحَصَى فَرَمَى بِهَا فِي وُجُوهِهَا، وَقَالَ ارْجِعِي إلَى صَاحِبِك، فَوَاَللهِ لَا أَصْحَبُك أَبَدًا، فَخَرَجَتْ مُجْتَمِعَةً كَأَنّ سَائِقًا يَسُوقُهَا، حَتّى دَخَلَتْ الْحِصْنَ ثُمّ تَقَدّمَ إلَى ذَلِكَ الْحِصْنِ لِيُقَاتِلَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَأَصَابَهُ حَجَرٌ فَقَتَلَهُ وَمَا صَلّى لِلّهِ صَلَاةً قَطّ، فَأُتِيَ بِهِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوُضِعَ خَلْفَهُ وَسُجّيَ بِشَمْلَةِ كَانَتْ عَلَيْهِ فَالْتَفَتَ إلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ــ
الْحَالُ مِنْ النّكِرَةِ
وَمَنْ رَوَاهُ مُشَابِهًا مُفَاعِلًا مِنْ الشّبَهِ فَهُوَ حَالٌ مِنْ عَرَبِيّ وَالْحَالُ مِنْ النّكِرَةِ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا دَلّتْ عَلَى تَصْحِيحِ مَعْنًى كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ فَصَلّى خَلْفَهُ رِجَالٌ قِيَامًا. الْحَالُ هَاهُنَا مُصَحّحَةٌ لِفِقْهِ الْحَدِيثِ أَيْ صَلّوْا فِي هَذِهِ الْحَالِ وَمَنْ احْتَجّ فِي الْحَالِ مِنْ النّكِرَةِ بِقَوْلِهِمْ وَقَعَ أَمْرٌ فَجْأَةً فَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا، لِأَنّ فَجْأَةً لَيْسَ حَالًا مِنْ أَمْرٍ إنّمَا هُوَ حَالٌ مِنْ الْوُقُوعِ كَمَا تَقُولُ جَاءَنِي رَجُلٌ مَشْيًا، فَلَيْسَ مَشْيًا حَالٌ مِنْ رَجُلٍ كَمَا تَوَهّمُوا، وَإِنّمَا هِيَ حَالٌ مِنْ الْمَجِيءِ لِأَنّ الْحَالَ هِيَ صَاحِبُ الْحَالِ وَتَنْقَسِمُ أَقْسَامًا: حَالٌ مِنْ فَاعِلٍ كَقَوْلِك: جَاءَ زَيْدٌ مَاشِيًا، وَحَالٌ مِنْ الْفِعْلِ كَقَوْلِك: جَاءَ زَيْدٌ مَشْيًا وَرَكْضًا، وَحَالٌ مِنْ الْمَفْعُولِ كَقَوْلِك: جَاءَنِي الْقَوْمُ جَالِسًا، فَهِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute