وَطَاعَةٌ. قَالَ فَلَمّا أَصْبَحْت أَخَذْت بِرَأْسِ الْجَمَلِ فَأَقْبَلْت بِهِ حَتّى أَنَخْته عَلَى بَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ثُمّ جَلَسْت فِي الْمَسْجِدِ قَرِيبًا مِنْهُ قَالَ وَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى الْجَمَلَ فَقَالَ مَا هَذَا؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا جَمَلٌ جَاءَ بِهِ جَابِرٌ قَالَ فَأَيْنَ جَابِرٌ؟ قَالَ فَدُعِيت لَهُ قَالَ فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي خُذْ بِرَأْسِ جَمَلِك، فَهُوَ لَك، وَدَعَا
ــ
يُمْكِنُ أَنْ يُعْطِيَهُ ذَلِكَ الْعَطَاءَ دُونَ مُسَاوَمَةٍ فِي الْجَمَلِ وَلَا اشْتِرَاءٍ وَلَا شَرْطٍ وَلَا تَوْصِيلٍ فَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ بَدِيعَةٌ جِدّا، فَلْتَنْظُرْ بِعَيْنِ الِاعْتِبَارِ وَذَلِكَ أَنّهُ سَأَلَهُ هَلْ تَزَوّجْت، ثُمّ قَالَ لَهُ هَلّا بِكْرًا، فَذَكَرَ لَهُ مَقْتَلَ أَبِيهِ وَمَا خَلّفَ مِنْ الْبَنَاتِ وَقَدْ كَانَ عَلَيْهِ السّلَامُ قَدْ أَخْبَرَ جَابِرًا "بِأَنّ اللهَ قَدْ أَحْيَا أَبَاهُ وَرَدّ عَلَيْهِ رُوحَهُ وَقَالَ مَا تَشْتَهِي فَأَزِيدُك" فَأَكّدَ عَلَيْهِ السّلَامُ هَذَا الْخَبَرَ بِمِثْلِ مَا يُشْبِهُهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ الْجَمَلَ وَهُوَ مَطِيّتُهُ كَمَا اشْتَرَى اللهُ تَعَالَى مِنْ أَبِيهِ وَمِنْ الشّهَدَاءِ أَنْفُسَهُمْ بِثَمَنِ هُوَ الْجَنّةُ وَنَفْسُ الْإِنْسَانِ مَطِيّتُهُ كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - إنْ نَفْسِي مَطِيّتِي، ثُمّ زَادَهُمْ زِيَادَةً فَقَالَ {لِلّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يُونُسَ:٢٦] ثُمّ رَدّ عَلَيْهِمْ أَنْفُسَهُمْ الّتِي اشْتَرَى مِنْهُمْ فَقَالَ {وَلَا تَحْسَبَنّ الّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا} [آلَ عِمْرَانَ:١٦٩] الْآيَةَ
فَأَشَارَ عَلَيْهِ السّلَامُ بِاشْتِرَائِهِ الْجَمَلَ مِنْ جَابِرٍ وَإِعْطَائِهِ الثّمَنَ وَزِيَادَتِهِ عَلَى الثّمَنِ ثُمّ رَدّ الْجَمَلِ الْمُشْتَرَى عَلَيْهِ أَشَارَ بِذَلِكَ كُلّهِ إلَى تَأْكِيدِ الْخَبَرِ الّذِي أَخْبَرَ بِهِ عَنْ فِعْلِ اللهِ تَعَالَى بِأَبِيهِ فَتَشَاكَلَ الْفِعْلُ مَعَ الْخَبَرِ، كَمَا تَرَاهُ وَحَاشَ لِأَفْعَالِهِ أَنْ تَخْلُوَ مِنْ حِكْمَةٍ بَلْ هِيَ كُلّهَا نَاظِرَةٌ إلَى الْقُرْآنِ وَمُنْتَزَعَةٌ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
سِيَاقُهُ الْحَدِيثَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ:
فَصْلٌ: وَحَدّثَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ جَابِرٍ وَذَكَرَ حَدِيثَ غَوْرَثَ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيّ فَقَالَ فِيهِ غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْخَطّابِيّ، فَقَالَ فِيهِ أَنّهُ لَمّا هَمّ بِقَتْلِ النّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُمِيَ بِالزّلَخَةِ فَنَدَرَ السّيْفُ مِنْ يَدِهِ وَسَقَطَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute