شُهُودُ الْمَلَائِكَةِ وَقْعَةَ بَدْرٍ:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنّهُ حَدّثَ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ قَالَ حَدّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ، قَالَ أَقْبَلْت أَنَا وَابْنُ عَمّ لِي حَتّى أَصْعَدْنَا فِي جَبَلٍ يُشْرِفُ بِنَا عَلَى بَدْرٍ وَنَحْنُ مُشْرِكَانِ نَنْتَظِرُ الْوَقْعَةَ عَلَى مَنْ تَكُونُ الدّبْرَةُ. فَنَنْتَهِبُ مَعَ مَنْ يَنْتَهِبُ. قَالَ فَبَيْنَا نَحْنُ فِي الْجَبَلِ إذْ دَنَتْ مِنّا سَحَابَةٌ فَسَمِعْنَا فِيهَا حَمْحَمَةَ الْخَيْلِ فَسَمِعْت قَائِلًا يَقُولُ اُقْدُمْ حَيْزُومُ فَأَمّا ابْنُ عَمّي فَانْكَشَفَ قِنَاعُ قَلْبِهِ فَمَاتَ مَكَانَهُ وَأَمّا أَنَا فَكِدْت أَهْلَكَ ثُمّ تَمَاسَكْت
ــ
وَخَفْضُ اسْمِ اللهِ بِحَرْفِ الْقَسَمُ أَضْمَرَهُ وَقَامَ التّنْبِيهُ مَقَامَهُ كَمَا يَقُومُ الِاسْتِفْهَامُ مَقَامَهُ فَكَأَنّهُ قَالَ هَا أَنَا ذَا مُقْسِمٌ، وَفَصْلٌ بِالِاسْمِ الْمُقْسَمِ بِهِ بَيْنَ هَا وَذَا، فَعُلِمَ أَنّهُ هُوَ الْمُقْسِمُ فَاسْتُغْنِيَ عَنْ أَنَا، وَكَذَلِكَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ لَاهَا اللهُ ذَا، وَقَوْل زُهَيْرَةَ
تَعَلّمْنَ هَا لَعَمْرُ اللهِ ذَا قَسَمًا
أَكّدَ بِالْمَصْدَرِ قَسَمَهُ الّذِي دلّ عَلَيْهِ لَفظه الْمُتَقَدّم.
وَقَوْلُهُ هَبَرُوهُ بِأَسْيَافِهِمْ مِنْ الْهَبْرَةِ وَهِيَ الْقِطْعَةُ الْعَظِيمَةُ مِنْ اللّحْمِ أَيْ قَطَعُوهُ.
وَذَكَرَ قَوْلَ الْغِفَارِيّ حِينَ سَمِعَ حَمْحَمَةَ الْخَيْلِ فِي السّحَابَةِ وَسَمِعَ قَائِلًا يَقُولُ اُقْدُمْ حَيْزُومُ. اُقْدُمْ بِضَمّ الدّالِ أَيْ اُقْدُمْ الْخَيْلَ وَهُوَ اسْمُ فَرَسِ جِبْرِيلَ وَهُوَ فَيْعُولٌ مِنْ الْحَزْمِ وَالْحَيْزُومُ أَيْضًا أَعْلَى الصّدْرِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَيْضًا سُمّيَ بِهِ لِأَنّهُ صَدْرٌ لِخَيْلِ الْمَلَائِكَةِ وَمُتَقَدّمٌ عَلَيْهَا، وَالْحَيَاةُ أَيْضًا فَرَسٌ أُخْرَى لِجِبْرِيلَ لَا تَمَسّ شَيْئًا إلّا حَيِيَ وَهِيَ الّتِي قَبَضَ مِنْ أَثَرِهَا السّامِرِيّ، فَأَلْقَاهَا فِي الْعِجْلِ الّذِي صَاغَهُ مِنْ ذَهَبٍ فَكَانَ لَهُ خُوَارٌ ذَكَرَهُ الزّجّاجُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute