قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ: أَنّ عَوْفَ بْنَ الْحَارِثِ، وَهُوَ ابْنُ عَفْرَاءَ قَالَ يَا رَسُولَ اللهِ مَا يُضْحِكُ الرّبّ مِنْ عَبْدِهِ قَالَ غَمْسُهُ يَدَهُ فِي الْعَدُوّ حَاسِرًا. فَنَزَعَ دِرْعًا كَانَتْ عَلَيْهِ فَقَذَفَهَا، ثُمّ أَخَذَ سَيْفَهُ فَقَاتَلَ حَتَّى قتل
استفتاح أبي جهل بِالدُّعَاءِ:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزّهْرِيّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ الْعُذْرِيّ، حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ، أَنّهُ حَدّثَهُ أَنّهُ لَمّا التّقَى النّاسُ وَدَنَا
ــ
حَدِيثُ عَوْفِ ابْنِ عَفْرَاءَ
وَقَوْلُ عَوْفِ ابْنِ عَفْرَاءَ: مَا يُضْحِكُ الرّبّ مِنْ عَبْدِهِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَدْ قِيلَ فِي عَوْفٍ عَوْذٌ بِالذّالِ الْمَنْقُوطَةِ وَيُقَوّي هَذَا الْقَوْلَ أَنّ أَخَوَيْهِ مُعَاذٌ وَمُعَوّذٌ.
ضَحِكُ الرّبّ
وَيُضْحِكُ الرّبّ أَيْ يُرْضِيهِ غَايَةَ الرّضَى، وَحَقِيقَتُهُ أَنّهُ رِضًى مَعَهُ تَبْشِيرٌ وَإِظْهَارُ كَرَامَةٍ وَذَلِكَ أَنّ الضّحِكَ مُضَادّ لِلْغَضَبِ وَقَدْ يَغْضَبُ السّيّدُ وَلَكِنّهُ يَعْفُو وَيُبْقِي الْعَتَبَ فَإِذَا رَضِيَ فَذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ الْعَفْوِ فَإِذَا ضَحِكَ فَذَلِكَ غَايَةُ الرّضَى، إذْ قَدْ يَرْضَى وَلَا يُظْهِرُ مَا فِي نَفْسِهِ مِنْ الرّضَى، فَعَبّرَ عَنْ الرّضَى وَإِظْهَارِهِ بِالضّحِكِ فِي حَقّ الرّبّ سُبْحَانَهُ مَجَازًا وَبَلَاغَةً وَتَضْمِينًا لِهَذِهِ الْمَعَانِي فِي لَفْظٍ وَجِيزٍ وَلِذَلِكَ قَالَ عَلَيْهِ السّلَامُ فِي طَلْحَةَ بْنِ الْبَرَاءِ "اللهُمّ الْقَ طَلْحَةَ يَضْحَكُ إلَيْك، وَتَضْحَكُ إلَيْهِ" فَمَعْنَى هَذَا: الْقَهُ لِقَاءَ مُتَحَابّيْنِ مُظْهِرَيْنِ لِمَا فِي أَنْفُسِهِمَا مِنْ رِضًى، وَمَحَبّةٍ فَإِذَا قِيلَ ضَحِكَ الرّبّ لِفُلَانِ فَهِيَ كَلِمَةٌ وَجِيزَةٌ تَتَضَمّنُ رِضًى مَعَ مَحَبّةٍ وَإِظْهَارِ بِشْرٍ وَكَرَامَةٍ لَا مَزِيدَ عَلَيْهِمَا، فَهِيَ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ الّتِي أُوتِيَهَا عَلَيْهِ السّلَامُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute