للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الْمُفَاعَلَةُ

وَقَوْلُهُ كَفَاك مُنَاشَدَتُك رَبّك، وَالْمُفَاعَلَةُ لَا تَكُونُ إلّا مِنْ اثْنَيْنِ وَالرّبّ لَا يَنْشُدُ عَبْدَهُ فَإِنّمَا ذَلِكَ لِأَنّهَا مُنَاجَاةٌ لِلرّبّ وَمُحَاوَلَةٌ لِأَمْرِ يُرِيدُهُ فَلِذَلِكَ جَاءَتْ عَلَى بِنَاءِ الْمُفَاعَلَةِ وَلَا بُدّ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ فِعْلَيْنِ لِفَاعِلَيْنِ إمّا مُتّفِقَيْنِ فِي اللّفْظِ وَإِمّا مُتّفِقَيْنِ فِي الْمَعْنَى، وَظَنّ أَكْثَرُ أَهْلِ اللّغَةِ أَنّهَا قَدْ تَكُونُ مِنْ وَاحِدٍ نَحْوَ عَاقَبْت الْعَبْدَ وَطَارَقْتُ النّعْلَ وَسَافَرْت، وَعَافَاهُ اللهُ فَنَقُولُ أَمّا عَاقَبْت الْعَبْدَ فَهِيَ مُعَامَلَةٌ بَيْنَك وَبَيْنَهُ عَامَلَك بِالذّنْبِ وَعَامَلْته بِالْعُقُوبَةِ فَأُخِذَ لَفْظُهَا مِنْ الْعُقُوبَةِ وَوَزْنُهَا مِنْ الْمُعَاوَنَةِ وَأَمّا طَارَقْت النّعْلَ فَمِنْ الطّرْقِ وَهُوَ الْفَوْهُ فَقَدْ قَوّيْتهَا وَقَوّتْك عَلَى الْمَشْيِ فَلَفْظُهَا مِنْ الطّرْقِ وَبِنَاؤُهَا عَلَى وَزْنِ الْمُعَاوَنَةِ وَالْمُقَاوَاةِ فَهَذَا اتّفَاقٌ فِي الْمَعْنَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي اللّفْظِ وَأَمّا سَافَرَ الرّجُلُ فَمِنْ سَفَرْت: إذَا كَشَفْت عَنْ وَجْهِك، فَقَدْ سَفَرَ لِقَوْمِ وَسَفَرُوا لَهُ فَهَذِهِ مُوَافَقَةٌ فِي اللّفْظِ وَالْمَعْنَى، وَأَمّا الْمُعَافَاةُ فَإِنّ السّيّدَ يُعْفِي عَبْدَهُ مِنْ بَلَاءٍ فَيُعْفِي الْعَبْدُ سَيّدَهُ مِنْ الشّكْوَى وَالْإِلْحَاحِ فَهَذِهِ مُوَافَقَةٌ فِي اللّفْظِ ثُمّ تُضَافُ إلَى اللهِ سُبْحَانَهُ اتّسَاعًا فِي الْكَلَامِ وَمَجَازًا حَسَنًا.

عَصَبَ وَعَصَمَ

فَصْلٌ وَذَكَرَ قَوْلَ النّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا جِبْرِيلُ عَلَى ثَنَايَاهُ النّقْعُ وَهُوَ الْغُبَارُ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ أَنّهُ قَالَ رَأَيْته عَلَى فَرَسٍ لَهُ شَقْرَاءَ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ حَمْرَاءُ، وَقَدْ عَصَمَ بِثَنِيّتِهِ الْغُبَارَ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: عَصَمَ وَعَصَبَ بِمَعْنَى وَاحِدٍ يُقَالُ عَصَبَ الرّيقَ بِفِيهِ إذَا يَبِسَ وَأَنْشَدَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>