للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَبَّاس يقْصد أَبَا جهل لينال مِنْهُ، فيصرفه عَنهُ تحقق الرُّؤْيَا:

قَالَتْ فَغَدَوْت فِي الْيَوْمِ الثّالِثِ مِنْ رُؤْيَا عَاتِكَةَ وَأَنَا حَدِيدٌ مُغْضَبٌ أُرَى أَنّي قَدْ فَاتَنِي مِنْهُ أَمْرٌ أُحِبّ أَنْ أُدْرِكَهُ مِنْهُ. قَالَ فَدَخَلْت الْمَسْجِدَ فَرَأَيْته، فَوَاَللهِ أَنّي لَأَمْشِي نَحْوَهُ أَتَعَرّضُهُ لِيَعُودَ لِبَعْضِ مَا قَالَ فَأَقَعُ بِهِ وَكَانَ رَجُلًا خَفِيفًا، حَدِيدَ الْوَجْهِ حَدِيدَ اللّسَانِ حَدِيدَ النّظَرِ. قَالَ إذْ خَرَجَ نَحْوَ بَابِ الْمَسْجِدِ يَشْتَدّ. قَالَ فَقُلْت فِي نَفْسِي: مَا لَهُ لَعَنَهُ اللهُ أَكُلّ هَذَا فَرَقٌ مِنْ أَنْ أُشَاتِمَهُ قَالَ وَإِذَا هُوَ قَدْ سَمِعَ مَا لَمْ أَسْمَعْ صَوْتَ ضَمْضَمِ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيّ وَهُوَ يَصْرُخُ بِبَطْنِ الْوَادِي وَاقِفًا عَلَى بَعِيرِهِ قَدْ جَدّعَ بَعِيرَهُ وَحَوّلَ رَحْلَهُ وَشَقّ قَمِيصَهُ وَهُوَ يَقُولُ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ اللّطِيمَةَ اللّطِيمَةَ أَمْوَالُكُمْ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ قَدْ عَرَضَ لَهَا مُحَمّدٌ فِي أَصْحَابِهِ لَا. أَرَى أَنْ تُدْرِكُوهَا، الْغَوْثَ الْغَوْثَ. قَالَ فَشَغَلَنِي عَنْهُ وَشَغَلَهُ عَنّي مَا جَاءَ من الْأَمر.

تجهز قُرَيْشٌ لِلْخُرُوجِ:

فَتَجَهّزَ النّاسُ سِرَاعًا، وَقَالُوا: أَيَظُنّ مُحَمّدٌ وَأَصْحَابُهُ أَنْ تَكُونَ كَعِيرِ ابْنِ الْحَضْرَمِيّ كَلّا وَاَللهِ لَيَعْلَمَن غَيْرَ ذَلِكَ. فَكَانُوا بَيْنَ رَجُلَيْنِ إمّا خَارِجٌ وَإِمّا بَاعِثٌ مَكَانَهُ رَجُلًا. وَأَوْعَبَتْ قُرَيْشٌ فَلَمْ يَتَخَلّفْ مِنْ أَشْرَافِهَا أَحَدٌ.

إلّا أَنّ أَبَا لَهَبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ تَخَلّفَ وَبَعَثَ مَكَانَهُ الْعَاصِيَ بْنَ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَكَانَ قَدْ لَاطَ لَهُ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ كَانَتْ لَهُ عَلَيْهِ أَفْلَسَ بِهَا، فَاسْتَأْجَرَهُ بِهَا عَلَى أَنْ يُجْزِئَ عَنْهُ بَعَثَهُ فَخَرَجَ عَنْهُ وَتَخَلّفَ أَبُو لَهب.

ــ

مَعْنَى اللّيَاطِ

وَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي لَهَبٍ وَبَعْثَهُ الْعَاصِيَ بْنَ هِشَامٍ وَكَانَ لَاطَ لَهُ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ. لَاطَ لَهُ أَيْ أَرْبَى لَهُ وَكَذَلِكَ جَاءَ اللّيَاطُ مُفَسّرًا فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ لِلْخَطّابِيّ وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السّلَامُ فِي الْكِتَابِ الّذِي كَتَبَهُ لِثَقِيفِ "وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دِينٍ لَا رَهْنَ فِيهِ فَهُوَ لِيَاطٌ مُبَرّأٌ مِنْ اللهِ". وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَسُمّيَ الرّبَا لِيَاطًا، لِأَنّهُ مُلْصَقٌ بِالْبَيْعِ وَلَيْسَ بِبَيْعِ وَقِيلَ لِلرّبَا لِيَاطًا لِأَنّهُ لَاصِقٌ بِصَاحِبِهِ لَا يَقْضِيهِ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>