أَعْجَبَهُ مَا يَرَى مِنْهُ مِنْ صَلَاتِهِ وَعِبَادَتِهِ فَجَعَلَ يَجْلِسُ إلَيْهِ وَيَسْمَعُ مِنْهُ حَتّى أَسْلَمَ، فَوَحّدَ اللهَ وَعَبَدَهُ وَجَعَلَ يَسْأَلُهُ عَنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ حَتّى إذَا فَقِهَ فِيهِ جَعَلَ يَسْأَلُهُ عَنْ الِاسْمِ الْأَعْظَمِ - وَكَانَ يُعَلّمُهُ - فَكَتَمَهُ إيّاهُ وَقَالَ لَهُ يَا بْنَ أَخِي إنّك لَنْ تَحْمِلَهُ أَخْشَى عَلَيْك ضَعْفَك عَنْهُ - وَالثّامِرُ أَبُو عَبْدِ اللهِ لَا يَظُنّ إلّا أَنّ ابْنَهُ يَخْتَلِفُ إلَى السّاحِرِ كَمَا يَخْتَلِفُ الْغِلْمَانُ فَلَمّا رَأَى عَبْدُ اللهِ أَنّ صَاحِبَهُ قَدْ ضَنّ بِهِ عَنْهُ وَتَخَوّفَ ضَعْفَهُ فِيهِ عَمِدَ إلَى قِدَاحٍ فَجَمَعَهَا، ثُمّ لَمْ يُبْقِ لِلّهِ اسْمًا يَعْلَمُهُ إلّا كَتَبَهُ فِي قِدْحٍ لِكُلّ اسْمٍ قِدْحٌ حَتّى إذَا أَحْصَاهَا أَوْقَدَ لَهَا نَارًا، ثُمّ جَعَلَ يَقْذِفُهَا فِيهَا قِدْحًا قِدْحًا، حَتّى إذَا
ــ
عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ} [النّمْلُ ٤٠] إنّهُ أُوتِيَ الِاسْمَ الْأَعْظَمَ الّذِي إذَا دُعِيَ اللهُ بِهِ أَجَابَ وَهُوَ آصَفُ بْنُ برخيا فِي قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ١. وَأَعْجَبُ مَا قِيلَ فِيهِ إنّهُ ضَبّةُ بْنُ أُدّ بْنِ طَابِخٍ قَالَهُ النّقّاشُ وَلَا يَصِحّ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ اخْتَلَفَ فِيهَا الْعُلَمَاءُ فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى تَرْكِ التّفْضِيلِ بَيْنَ أَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى، وَقَالُوا: لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ أَعْظَمَ مِنْ الِاسْمِ الْآخَرِ وَقَالُوا: إذَا أَمَرَ فِي خَبَرٍ أَوْ أَثَرَ ذِكْرَ الِاسْمِ الْأَعْظَمِ فَمَعْنَاهُ الْعَظِيمُ كَمَا قَالُوا: إنّي لَأُوجِلَ أَيْ وَجِلًا، وَكَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ فِي أَكْبَرِ مِنْ قَوْلِك: اللهُ أَكْبَرُ إنّ أَكْبَرَ بِمَعْنَى كَبِيرٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَوْلُ سِيبَوَيْهِ، وَذَكَرُوا أَنّ أَهْوَنَ بِمَعْنَى: هَيّنٍ مِنْ قَوْلِهِ عَزّ وَجَلّ {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الرّومُ: ٢٧] وَأَكْثَرُوا الِاسْتِشْهَادَ عَلَى هَذَا وَنَسَبَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ بَطّالٍ هَذَا الْقَوْلَ إلَى جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ، وَالْقَابِسِيّ وَغَيْرُهُمَا، وَمِمّا احْتَجّوا بِهِ أَيْضًا: أَنّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ لِيُحَرّمَ الْعِلْمَ بِهَذَا الِاسْمِ وَقَدْ عَلِمَهُ مَنْ هُوَ دُونَهُ مَنْ لَيْسَ بِنَبِيّ وَلَمْ يَكُنْ لِيَدْعُوَ حِينَ اجْتَهَدَ فِي الدّعَاءِ لِأُمّتِهِ أَلّا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ وَهُوَ رَءُوفٌ بِهِمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ عَنَتُهُمْ إلّا بِالِاسْمِ الْأَعْظَمِ لِيُسْتَجَابَ لَهُ فِيهِ فَلَمّا مُنِعَ ذَلِكَ عَلِمْنَا أَنّهُ لَيْسَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ إلّا وَهُوَ كَسَائِرِ الْأَسْمَاءِ فِي الْحُكْمِ وَالْفَضِيلَةِ يَسْتَجِيبُ اللهُ إذَا دُعِيَ بِبَعْضِهَا إنْ شَاءَ وَيَمْنَعُ إذَا شَاءَ وَقَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ {قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرّحْمَنَ أَيّا مَا
١ ورأي آخر أَحَق بالتقديم يُقرر أَنه نفس سُلَيْمَان، فَهُوَ الَّذِي كَانَ عِنْده علم من الْكتاب.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute