للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أبو عثمان الصابوني: "ويثبت أهل الحديث نزول الرب سبحانه وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا من غير تشبيه له بنزول المخلوقين ولا تمثيل ولا تكييف، بل يثبتون ما أثبته رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وينتهون فيه إليه، ويمرون الخبر الصحيح الوارد بذكره على ظاهره، ويكلون علمه (١) إلى الله" (٢).

وقال ابن عبد البر: "والذي عليه جمهور أئمة أهل السنة أنهم يقولون: ينزل كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويصدقون بهذا الحديث ولا يكيفون" (٣).

هذا هو اعتقاد أهل السنة من السلف والخلف، لكن القرطبي والمازري خالفا في هذه المسألة كما خالفا في المسائل الأخرى، خصوصًا ما يتعلق بصفات الله تعالى الفعلية، فصرفوا هذه الصفة عن ظاهرها بتأويلات لا تليق حسب قواعدهم الفاسدة التي قعدوها لنفي صفات الله تعالى الفعلية كما سبق ذكره.

قال القرطبي عند شرحه للحديث السابق: "قوله: "ينزل ربنا" كذا صحت الرواية هنا، وهي ظاهرة في النزول المعنوي، وإليها يرد ينزل على أحد التأويلات، ومعنى ذلك: أن مقتضى عظمة الله تعالى وجلاله


(١) أي علم كيفيته قال الشيخ الغنيمان: "يكلون علمه إلى الله" يعني: علم الكيفية لا يبحث فيها
لأن الكيفية تتوقف على المشاهدة والله تعالى لا يرى في الدنيا "كذا قول إسحاق بن راهوية "إنما ينزل بلا كيف" يعني بلا كيف يعلمه العباد وإلَّا ففي حقيقة الأمر له كيف يعلمه الله تعالى. شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري (٢/ ٢٥٢).
(٢) عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني ع (١٩١).
(٣) التمهيد (٧/ ١٤٣).

<<  <   >  >>