للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (١).

كل مؤتمن على نفس، ومال، وسر، وعرض، مخاطب بأداء الأمانة فيما أؤتمن عليه، والدين، والوديعة، والرهن، والعارية سواء، وكلما جرى هذا المجرى، على كل يد أن تؤدي ما قبضت على حكم قبضها إياه. قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: القتل في سبيل الله يكفر كل ذنب إلا الدَين والأمانة، والأمانة أشد ذلك وأعظم (٢).


(١) [سورة النساء: الآية ٥٨]
(٢) ذكره العيني حيث قال: وقد جاء في خيانة الأمانة من الوعيد ما رواه إسماعيل ابن إسحاق من حديث زاذان عن عبد الله بن مسعود قال: إن القتل في سبيل الله يكفر كل ذنب إلا الدين والأمانة، قال: وأعظم ذلك الأمانة تكون عند الرجل فيخونها فيقال له يوم القيامة: أدِّ أمانتك، فيقول من أين وقد ذهبت الدنيا؟ فيقال: نحن نريكها فيمثل له في قعر جهنم، فيقال له إنزل فأخرجها فينزل فيحملها على عنقه حتى إذا كاد زلت فهوت وهوى في إثرها أبداً. [عمدة القاري: ١٢/ ٢٢٩].
وقد روى نحوه ابن أبي حاتم في تفسيره: ٣/ ٩٨٥، والبيهقي في سننه: ٦/ ٢٨٨ باب ما جاء في الترغيب في أداء الأمانات كتاب الوديعة.

وقد قيل إن هذه الآية نزلت بسبب خاص، والصواب أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، قال ابن العربي في أحكام القرآن: ١/ ٥٧١: لو فرضناها نزلت في سبب فهي عامة بقولها شاملة بنظمها لكل أمانة، وهي أعداد كثيرة، أمهاتها في الأحكام: الوديعة، واللقطة، والرهن، والإجارة، والعارية. وقال ابن كثير في تفسيره: ... ١/ ٥١٥: وهو يعم جميع الأمانات الواجبة على الإنسان من حقوق الله عز وجل على عباده من: الصلاة والزكاة والصيام والكفارات والنذور وغير ذلك مما هو مؤتمن عليه لا يطلع عليه العباد، ومن حقوق العباد بعضهم على بعض: كالودائع وغير ذلك مما يأتمنون به من غير اطلاع بينة على ذلك، فأمر الله عز وجل بأدائها، فمن لم يفعل ذلك في الدنيا أخذ منه ذلك يوم القيامة.
وقد ذكر ما قيل في سبب نزول هذه الآية: ابن جرير في تفسيره: ٥/ ١٤٤، وابن أبي حاتم في تفسيره: ٣/ ٩٨٥، وانظر المرجعين السابقين.

<<  <   >  >>