وبمناسبة ذكر القمل في حديث كعب بن عُجْرَة، وبمناسبة ما يتلوه في الفقرة التالية من حكم إزالة الأظفار، فإنه يحسن بي أن أعرّج على ما ذكره الفقهاء حول مسألة قتل القمل، وإلقائه، وإزالة أذاه.
فالصحابي الجليل ترك شعره؛ لأن حلق الشعر من محظورات الإحرام، لكن ظروف السفر، وغباره جعل القمل يلحق بشعر كعب، حتى هال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما رآه، فقال: أيؤذيك هوامُّك؟ ، ثم أمره بإزالة شعره، وما فيه من قمل. فما حكم إزالة القمل، وقتله؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال أُذَكّر القارئ الكريم بأنَّ إزالة القمل في غير الإحرام مطلوب شرعاً بداهة، لما فيه من الأذى والضرر الذي يتنافى مع النظافة التي نادى بها ديننا، حيث إنَّ الإسلام دخل حياتنا على قاعدة النظافة في كل شيء، نظافة القلب، ونظافة العقيدة ونظافة اللباس والمكان والبدن.
لذلك قال الشافعية: لا شيء في قتل القمل أو إزالته؛ لأنّ فيه دفع الأذى عن نفسه، لكنهم استحبوا له إن فعل أن يتصدَّق؛ لأنه ـ فيما يبدو لي ـ قتل شيئاً في رحلة السلام التي أقام مولانا عزَّ وجلَّ الحج ساحة لها.
أما الحنفية فقد قالوا بوجوب التصدّق بما شاء.
وفي المذهب المالكي: القمل يأخذ حكم الشعر تماماً (١). وإذا جاز لباحث مثلي أن يجتهد، فإني أميل إلى مذهب الشافعية، لا لأني أتعبد الله وفق اجتهاداته وضوابطه الشرعية، بل، لأن السلام في هذا الوجود لا يتنافى مع إزالة ما غرز في
(١) الحج والعمرة في الفقه الإسلامي د. نور الدين عتر، فقرة (٩٧)، ص ١٤٢ - ١٤٣.