للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أشبه بشكل صناعي يقدّم لك مظهراً جميلاً يسرُّ الناظرين دون أن يعطيك نفعاً في رائحةٍ أو مأكل، وما تبديه أغصانه من ثمار، فقد انعدمت فيه الحياة، فأُلصق فيه إلصاقاً، بعد أن انقطعت الروافد الإروائية بين الجذور والفروع! إنَّ الحدائق الاصطناعية مهما زينا بها منازلنا فهي أعجز من أن تزوِّدنا بمادة الأُكسجين الأساسية في قيام الحياة، وهكذا هي عباداتُ الإسلام في المسلمين اليوم، وكمثالٍ توضيحي على ما أقول فإنني أُزوِّدك بما نقله لي أحد المقدسيين الثقات في حديثه عن حال المسلمين في فلسطين حين ذكر لي أنَّ البدو الفلسطينيين ينضمون إلى جيش العدو الصهيوني، ويعملون في صفوفه، فإذا ما أدركتهم صلاة العصر مثلاً وهم منتشرون في مناطق المواجهة في الضفة أو القطاع، تنحَّوْا جانباً وأدَّوْا ما افترضه الله عليهم، حتى إذا ما تجاوزوها حملوا سلاحهم من جديد وصوَّبوه إلى صدور إخوتهم الفلسطينيين مطلقين النار عليهم! أيُّ صلاة هذه التي تعقبها أخطر جريمةٍ في تاريخ البشرية، وأكثر جريمة ندَّد بها الإسلام، وهي أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من حقوق العباد! ؟

خروج هذه العبادات عن جادتها المرسومة لها من قبل الحكمة الإلهية، حوَّلها إلى طقوس ورسوم هي أشبهُ بالجسد الذي خرجت منه الروح! وأكثر مسلمي اليوم قد حبسوا أنفسهم عند تلك الرسوم والأشكال فوقعوا في غفلةٍ كاملة عن مضمون الأحكام الإلهية، وما لم يُخرجوا أنفسهم من جديد من أُطُرها الخادعة إلى مضموناتها التي هي مناط الفائدة، فإننا لن نشهد بروزاً لثمرات تلك العبادات الجليلة في حياة هذه الأمة وسنبقى واقفين في أمكنتنا، مهما بدا لك من بعيد أن جهداً يبذل، وأنَّ خيراً مقبلاً سيأتي.

لقد ذكرتُ لك من خلال كلمة أُستاذنا الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي أنّ أُوْلى حكم الحج أن يجسد فيه المسلمون قوله تعالى: {شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} [الحجرات:

<<  <   >  >>