لِلْعِلْمِ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَيَشْتَرِي الضِّيَاعَ وَيَسْتَفِيدُ الْمَالَ!
وَقَالَ لِي: يَا أَبَا عَبْدِ الله، أَنَا مَعَكُ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ مَعِي فِي قَمِيصِي مَنْ يَشْهَدُ عَلَيَّ، فَكَيْفَ يَنْبَغِي لِي أَنْ آتِيَ الذُّنُوبَ؟ ! إِنَّمَا يَعْمَلُ الذُّنُوبَ جَاهِلٌ يَنْظر فَلَا يَرَى أَحَدًا فَيَقُولُ: لَيْسَ يَرَانِي أَحَدٌ، أَذْهَبُ فَأُذْنِبُ! فَأَمَّا أَنَا كَيْفَ يُمْكِنُنِي ذَلِكَ وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ دَاخِلَ قَمِيصِي مَنْ يَشْهَدُ عَلَيَّ.
ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّه، مَا لِي وَلِهَذَا الْخَلْقِ، كُنْتُ فِي صُلْبِ أَبِي وَحْدِي، ثُمَّ صِرْتُ فِي بَطْنِ أُمِّي وَحْدِي، ثُمَّ دَخَلْتُ الدُّنْيَا وَحْدِي، ثُمَّ تُقْبَضُ رُوحِي وَحْدِي، وَأَدْخُلُ فِي قَبْرِي وَحْدِي، ويَأْتِينِي مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ فَيَسْأَلَانِي فِي قَبْرِي وَحْدِي، فَإِنْ صِرْتُ إِلَى خَيْرٍ صِرْتُ وَحْدِي؛ وَإِنْ صِرْتُ إِلَى شَرٍّ كُنْتُ وَحْدِي، ثُمَّ أُوقَفُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّه وَحْدِي، ثُمَّ يُوضَعُ عَمَلي وَذُنُوبِي فِي المِيزَانِ وَحْدِي، وَإِنْ بُعِثْتُ إِلَى الْجَنَّةِ بُعِثْتُ وَحْدِي، وَإِنْ بُعِثْتُ إِلَى النَّارِ بُعِثْتُ وَحْدِي، فَمَا لِي وَللنَّاسِ، ثُمَّ تَفَكَّرَ سَاعَةً فَوَقَعَتْ عَلَيْهِ الرِّعْدَةُ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يَسْقُطَ ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ.
ثُمَّ قال لي: يَا أَبَا عَبْدِ الله، إِنَّ هَؤُلاءِ قَدْ كَتَبُوا رَأْيَ أبي حَنِيفَة، وَكَتَبْتُ أَنَا الأَثَرَ، فَأَنَا عِنْدَهُم عَلَى غَيْرِ الطَّرَيْقِ، وَهُم عِنْدِي عَلَى غَيْرِ الطَّرِيْقِ، أَصْلُ الفَرَائِضِ فِي حَرْفَيْنِ: مَا قَالَ اللهُ وَرَسُوْلُهُ: افْعَلْ، فَهُوَ فَرِيْضَةٌ، يَنْبَغِي أَنْ يُفْعَلَ، وَمَا قَالَ اللهُ وَرَسُولهُ: لا تَفْعَلْ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُنْتَهَى عَنْهُ، وَتَرْكُهُ فَرِيْضَةٌ، وَهَذَا فِي القُرْآنِ، وَفِي فَرِيْضَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُمْ يَقْرَؤُونَهُ، وَلَكِنْ لَا يَتَفَكَّرُونَ فِيهِ، قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِم حُبُّ الدُّنْيَا.
صَحِبتُ مُحَمَّدَ بن أَسْلَمَ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِيْنَ سَنَةً، لَمْ أَرَهُ يُصَلِّي حَيْثُ أَرَاهُ رَكْعَتَيْنِ مِنَ التَّطَوُّعِ إِلَاّ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَسَمِعتُهُ كَذَا وَكَذَا مَرَّةً يَحْلِفُ: لَوْ قَدِرت أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute