للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أتراني أنا وفرت من الهم نصيبي؟ !

أنا أعطيت العيون النجل أسلاب القلوب؟ !

لو إلي الأمر ما أقذيت عيناً برقيب؟ !

يتساءل الشاعر عما إذا كان له نصيب في جلب الهم إلى نفسه، وأنه قد أعطى العيون النجل قلبه سلبا؟

ثم ينفي أن يكون ذلك قد حدث منه، لأنه لو كان الأمر بيديه لما أقذى عينه بالرقياء.

وبعد: فقد رأيت مما سردنا لك من أمثلة أو شواهد، أن تقديم المسند إليه على الخبر الفعلي قد أفاد التخصيص في كل مثال أو شاهد تقدم المسند إليه فيه نفي.

وهذا هو رأي الإمام عبد القاهر في مثل هذا الأسلوب.

ويبدو أن الأمر ليس على إطلاقه - كما يقول الدكتور أبو موسى - وإنما هو أمر غالب لا لازم، فقد جاء هذا التركيب (١)، في القرآن الكريم من غير أن يكون دالاً على التخصيص، وذلك كما في قوله تعالى: "لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَن وجُوهِهِمُ النَّارَ ولا عَن ظُهُورِهِمْ ولا هُمْ يُنصَرُونَ * بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا ولا هُمْ يُنظَرُونَ" (٢)، فقوله: "ولا هم ينصرون"، "ولا هم ينظرون" قدم فيه المسند إليه على الخبر الفعلي - وهو مسبوق بحرف النفي - ومع هذا فإنه يفيد التقوية فقط لأن التخصيص هنا يعني أن غيرهم ينصر من عذاب الله، وينظر حتى تأتيه الساعة، وذلك لا يكون.


(١) خصائص التراكيب، ص ١٧٩.
(٢) الأنبياء: ٣٩، ٤٩.

<<  <   >  >>