للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المراءَ فيه كُفْرٌ" (١) يقول: لا تقولوا: لِمَ أمر الله بكذا؟ وإنما أمر الله بكذا.

ولهذا قال إبراهيم، صلّى الله عليهِ: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَينِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} (٢) أراد اجْعَلْنا مُسْلِمَينِ لأمرِكَ منقادَينِ لحُكْمِكَ بالنِّيَّةِ والعَمَلَ (٣).

وكذلك قَوْلُهُ: {قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (٤). أي أسلمت لأمْرِه، وكذلك قولُ زيدِ بنِ عمرِو بنِ نُفَيلٍ (٥) في الجاهليّة:

أسلمت وجهي لمن أسلمت ... له المزن تحمل عذبًا زلالًا (٦)

أي انقدتُ لمن انقادتْ لهُ المُزْنُ، فأرادَ على هذا التاويلِ: يحكم بها النبيون الذين أسلموا لأحكام الله، والربانيّون، والأحبار لليهود بما استحفظوا من كتاب الله أي يحكمون لهم بما اسْتُودِعُوا من حُكْمِ اللهِ في التَّوْراةِ (٧).


(١) رواه أبو داود رقم ٤٦٠٣ في السنة، باب النهي عن الجدال في القرآن، ورواه أحمد في المسند ٤/ ١٧٠، والهيثمي في مجمع الزوائد ١/ ١٥٧، وانظر غريب الحديث للهروي ٢/ ١١، والفائق ٣/ ٣٥٦، وغريب ابن الجوزي ٢/ ٣٥٤، والنهاية ٤/ ٣٢٢، وجامع الأصول ٢/ ٧٥٠ - ٧٥١.
(٢) سورة البقرة الآية ١٢٨.
(٣) انظر القرطبي ٢/ ١٢٦.
(٤) سورة البقرة الآية ١٣١.
(٥) هو زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى، القرشي العدوي: نصير المرأة في الجاهلية، وأحد الحكماء. وهو ابن عم عمر بن الخطاب. لم يدرك الإسلام، وكان يكره عبادة الأوثان، ولا يأكل مما ذبح عليها. توفي سنة ١٧ ق هـ.
الإصابة ١/ ٥٥٢ رقم ٢٩٢٣، والأعلام ٣/ ٦٠.
(٦) البيت لزيد بن عمرو بن نفيل مع أبيات أخر في الأغاني ٣/ ١٢١، والوافي بالوفيات ١٥/ ٣٩، والمعارف لابن قتيبة ص ٥٩، وتأويل مشكل القرآن ٣٦٦، وتفسير الطبري ١/ ٣٩٣؛ ومجمع البيان ١/ ١٨٧.
(٧) انظر القرطبي ٢/ ١٣٤، وتأويل مشكل القرآن ص ٣٦٦.

<<  <   >  >>