للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - أن لهؤلاء الذين أخلصوا من أهل الكتاب سوف يكون لهم الأجر والثواب من عند الله، وإن فاتهم ما يفوتهم من الدنيا بسبب إسلامهم، قال تعالى: {أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ}.

٦ - بيان قدرة الله عزّ وجل في سرعة حسابه، إذ قال: {إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}، وقد اورد بعض الصحابة على الرسول-صلى الله عليه وسلم- إشكالا في هذا المعنى وقال: كيف يحاسبنا في ساعة ونحن جمع-يعني كثير- فقال-صلى الله عليه وسلم-: "ألا أخبرك بشيء من آلاء الله يقرب لك هذا؟ "، وذكر له القمر (١).

فالقمر مخلوق من وخلوقات الله، وكل الناس يرونه في ساعو واحدة لايضامون في رؤيته، فإذا كان في مخلوق من مخلوقات الله يضيء نوره على كل من رآه، ويشترك فيه العالم ما لايحصيه إلا الله، فما بالك بالخالق جلّ وعلا؟

٧ - إثبات الحسان، وأن الإنسان سوف يحاسب على عمله إن خيرا فخير، وإن شرا فشرّ.

القرآن

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٢٠٠)} [آل عمران: ٢٠٠]

التفسير:

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه اصبروا على طاعة ربكم، وعلى ما ينزل بكم من ضر وبلاء، وصابروا أعداءكم حتى لا يكونوا أشد صبرًا منكم، وأقيموا على جهاد عدوي وعدوكم، وخافوا الله في جميع أحوالكم; رجاء أن تفوزوا برضاه في الدنيا والآخرة.

في سبب نزول الآية:

أخرج الحاكم، والطبري (٢)، والواحدي (٣)، من طريق مصعب بن ثابت حدثني داود بن صالح قال: "قال أبو سلمة بن عبد الرحمن: يا ابن أخي هل تدري في أي شيء نزلت هذه الآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} الآية؟ قلت: لا، قال يا ابن أخي: إني سمعت أبا هريرة يقول: لم يكن في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم غزو يرابط فيه، ولكن انتظار الصلاة خلف الصلاة " (٤).

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [آل عمران: ٢٠٠]، أي: " يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله" (٥)، وأقرُّوا بما جاءهم به نبيهم صلى الله عليه وسلم من عند الله" (٦).

قال ابن عباس: " ما في القرآن آية {يا أيها الذين آمنوا}، إلا أن عليا شريفها وأميرها وسيدها، وما من أصحاب محمد إلا قد عوتب في القرآن إلا علي بن أبي طالب فإنه لم يعاتب في شيء منه" (٧).

وقال الأعمش عن خيثمة: " ما تقرأون من القرآن {يا أيها الذين آمنوا}، فإن في التوراة "يا أيها المساكين" (٨).

وروي أن "رجلا أتى عبد الله ابن مسعود فقال: أعهد إلي، فقال: إذا سمعت الله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا}، فأرعها سمعك، فإنه خير يأمر به، أو شر ينهى عنه" (٩).

قوله تعالى: {اصْبِرُوا} [آل عمران: ٢٠٠]، " أي: اصبروا على مشاقّ الطاعات وما يصيبكم من الشدائد" (١٠).

قال محمد بن كعب القرظي، والزجاج (١١): أي: "اصبروا على دينكم" (١٢).


(١) انظر: مسند الإمام أحمد (١٥٧٧٣) ..
(٢) انظر: تفسير الطبري (٨٣٩٤): ص ٧/ ٥٠٤، إلا أنه في جواب السؤال: " قال: إنه يا ابن أخي لم يكن في زمان النبي صلى الله عليه وسلم ... بلفظه.
(٣) انظر: أسباب النزول: ١٤٠ - ١٤١.
(٤) المستدرك: ٢/ ٣٠١، وقال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.
(٥) تفسير الطبري: ٧/ ٥٠٨.
(٦) تفسير الطبري: ٧/ ٥٩.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٨٨٩): ص ٣/ ٧١٨.
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٨٩٠): ص ٣/ ٧١٨.
(٩) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٨٩١): ص ٣/ ٧١٨.
(١٠) صفوة التفاسير: ٢٣٢.
(١١) انظر: معاني القرآن: ١/ ٥٠١.
(١٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٦٨٩): ص ٣/ ٨٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>