للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ} [آل عمران: ١٩٨]، " أي: وما عند الله من الثواب والكرامة للأخيار الأبرار، خير مما يتقلب فيه الأشرار الفجار من المتاع القليل الزائل" (١).

قال الزمخشري: أي: " وما عند الله من الكثير الدائم خير للأبرار مما يتقلب فيه الفجار من القليل الزائل" (٢).

قال الواحدي: " أي: مما يتقلب فيه الكفار في دار الدنيا" (٣).

قال الطبري: أي: " وما عند الله من الحياة والكرامة، وحسن المآب، خير للأبرار، مما يتقلب فيه الذين كفروا، فإن الذي يتقلبون فيه زائل فانٍ، وهو قليلٌ من المتاع خسيس، وما عند الله من كرامته للأبرار - وهم أهل طاعته باقٍ، غيرُ فانٍ ولا زائل" (٤).

قال ابن زيد: " للأبرار: لمن يطيع الله" (٥).

قال مقاتل: {للأبرار} " يعنى: المطيعين" (٦).

وقال الحسن: " للأبرار: الذين لا يؤذون الذر" (٧).

قال ابن عمر: " إنما سماهم الله أبرارا لأنهم بروا الآباء والأبناء، كما أن لوالدك عليك حقا، كذلك لولدك عليك حقا" (٨).

وقيل: "عنى بقوله: {وما عند الله خير للأبرار}، ما قاله - صلى الله عليه وسلم -: «الدنيا جنة الكافر وسجن المؤمن» (٩)، تنبيها أن المؤمن يتبرم بها شوقا إلى ما أعد له، والكافر يطمئن إليها، ويشتاق إليها عند فراقها مع ما فيها من الشوائب لما أعد له من العذاب" (١٠).

قرأ نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: {الأبرار}، و {الْأَشْرَارِ} [ص: ٦٢]، و {ذَاتِ قَرَارٍ} [المؤمنون: ٥٠]، وما كان مثله بين الفتح والكسر، وقرأ ابن كثير، وعاصم بالفتح، وخلف وأبو هشام عن سليم عن حمزة أنه كان يميل {الأشرار} و {قرار} و {الأبرار} ياءات الإضافة (١١).

قال الراغب: " ذكره تعالى لـ (لكن) لكون حكم ما بعده منافيا لما قبله، وقد ذكر في قوله: {لهم جنات تجري من تحتها الأنهار}، الوجهان اللذان ذكرا في قوله: {ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار}، وقيل: عنى به أنهم من طيب عيشهم في القناعة، ورفضهم فضولات الدنيا في جنات صفتها كذلك، وذلك على التشبيه، وإياه قصد بقوله: {فلنحيينه حياة طيبة}، والذي يدل على هذا قوله: {نزلا} " (١٢).

قال الأسود، قال عبد الله: "ما من نَفْس بَرَّة ولا فاجرة إلا والموتُ خير لها. ثم قرأ عبد الله: وما عند الله خير للأبرار، وقرأ هذه الآية: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ}، [سورة آل عمران: ١٧٨] " (١٣).

وعن أبي الدرداء: "ما من مؤمن إلا والموت خير له، وما من كافر إلا والموت خير له، ومن لم يصدقني فإن الله يقول: وما عند الله خير للأبرار، ويقول: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا} " (١٤).


(١) صفوة التفاسير: ٢٣٢.
(٢) الكشاف: ١/ ٤٥٨.
(٣) التفسير البسيط: ٦/ ٢٧٠.
(٤) صفوة التفاسير: ٢٣٢.
(٥) أخرجه الطبري (٨٣٧٣): ص ٧/ ٤٩٥.
(٦) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٢٣.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٦٨١): ص ٣/ ٨٤٦.
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٦٨٠): ص ٣/ ٨٤٦.
(٩) أخرجه أحمد (٨٢٧٢): ص ٢/ ٣٢٣، ومسلم: ٨/ ٢١٠، وابن ماجة (٤١١٣)، والترمذي (١٣٢٤).
(١٠).تفسير الراغب الأصفهاني: ٣/ ١٠٦٣
(١١) انظر: السبعة: ٢٢٢، وزاد المسير: ١/ ٣٦١.
(١٢) تفسير الراغب الأصفهاني: ٣/ ١٠٦١ - ١٠٦٢.
(١٣) أخرجه الطبري (٨٣٧٤): ص ٧/ ٤٩٥.
(١٤) أخرجه الطبري (٨٣٧٥): ص ٧/ ٤٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>