للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال البيضاوي: " أي بأن آمنوا فامتثلنا" (١).

قال ابن كثير: " أي يقول: {آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا} أي: فاستجبنا له واتبعناه" (٢).

قال الشيخ أبو منصور- رحمه الله-: " فيه دليل بطلان الاستثناء في الإيمان" (٣).

قوله تعالى: {رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا} [آل عمران: ١٩٣]، أي: "ربنا فاستر لنا ذنوبنا ولا تفضحنا بها، وامح بفضلك ورحمتك ما ارتكبناه من سيئات" (٤).

قال مقاتل: " يعني امح عنا خطايانا" (٥).

قال ابن كثير: " أي: بإيماننا واتباعنا نبيك فاغفر لنا ذنوبنا، أي: استرها {وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا} أي: فيما بيننا وبينك" (٦).

قال الواحدي: " أَيْ: غطِّ واستر عنا ذنوبنا بقبول الطَّاعات حتى تكون كفَّارةً لها" (٧).

قال الطبري: أي: " فاستر علينا خطايانا، ولا تفضحنا بها في القيامة على رءوس الأشهاد، بعقوبتك إيانا عليها، ولكن كفّرها عنا، وسيئات أعمالنا، فامحها بفضلك ورحمتك إيانا " (٨).

وفي غفران الذنوب وتكفير السيئات في قوله تعالى: {رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا} [آل عمران: ١٩٣]، وجوه (٩):

أحدهما: أن قولهم: {فاغفر لنا ذنوبنا}: التي كانت فيما مضى من عمرنا، {وكفر عنا سيئاتنا}، أي: اعصمنا فيما بقي من عمرنا، أو: وفقنا للحسنات التي تكفر سيئاتنا؛ لما قد يلزم العبد التكفير لما أساء.

والثاني: أن المغفرة والتكفير كلاهما سواء؛ لأن المغفرة هي الستر، وكذلك التكفير، وإنما أعيد ذلك للتأكيد لأن الإلحاح في الدعاء والمبالغة فيه مندوب، ولذلك سمي الحراثون: كفارا؛ لسترهم البذر في الأرض؛ وكذلك الكافر سمى كافرا؛ لستره الحق بالباطل، ولستره جميع ما أنعم الله عليه بتوجيه الشكر إلى غيره.

قال القرطبي: " قوله تعالى: {ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا}، تأكيد ومبالغة في الدعاء. ومعنى اللفظين واحد، فإن الغفر والكفر: الستر" (١٠).

والثالث: وقيل: إنما جمع بين غفران الذنوب، وتكفير السيئات، لأن الغفران بمجرد الفضل، والتكفير بفعل الخير.

والرابع: أن يريد بالغفران ما يزول بالتوبة، وبالكفران ما تكفره الطاعة العظيمة.

والخامس: أن يكون المراد بالأول ما أتى به الإنسان مع العلم بكونه معصية وذنبا، وبالثاني: ما أتى به الإنسان مع جهله بكونه معصية وذنبا.

قال الفخر: " أما الغفران فهو الستر والتغطية، والتكفير أيضا هو التغطية، يقال: رجل مكفر بالسلاح، أي مغطى به، والكفر منه أيضا، وقال لبيد (١١):

فِي لَيْلَةٍ كَفَرَ النُّجُومَ غَمَامُها

إذا عرفت هذا: فالمغفرة والتكفير بحسب اللغة معناهما شيء واحد" (١٢).

وفي تفسير الذنوب والسيئات أقوال:


(١) تفسير البيضاوي: ٢/ ٥٥.
(٢) تفسير ابن كثير: ٢/ ١٨٦.
(٣) تفسير النسفي: ١/ ٣٢٢.
(٤) صفوة التفاسير: ٢٣١.
(٥) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٢٢.
(٦) تفسير ابن كثير: ٢/ ١٨٦.
(٧) الوجيز: ٢٤٩.
(٨) تفسير الطبري: ٧/ ٤٨٢.
(٩) انظر: تفسيرالماتريدي: ٢/ ٥٦٣، وزاد المسير: ١/ ٣٦١، ومفاتيح الغيب: ٩/ ٤٦٧.
(١٠) تفسير القرطبي: ٤/ ٣١٧.
(١١) المعلقات السبع للزوزني: ١٠٠. وتمامه: يَعْلُو طَرِيقَةَ مَتْنِهَا مُتَوَاتِرٌ ... فِي لَيْلَةٍ كَفَرَ النُّجُومَ غَمَامُها".
(١٢) مفاتيح الغيب: ٩/ ٤٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>