للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - الإشارة أنه لايجوز للإنسان أن يتصرف في ملكه إلا على حسب إذن الشارع، لأن كون الملك لله يدل على أن تصرفنا فيه إنما يكون بطريق الوكالة، يتقيد بما أُذن له فيه.

٤ - عموم قدرة الله عزّ وجل، لقوله: {والله على كل شيء قدير}.

٥ - أن من آمن بهذا-أي بأن الله على كل شيء قدير- فإنه يطرد عنه اليأس، لأن الإنسان قد يصاب بمرض مثلا فييأس من برئه بعد العلاج، فيقال له: لاتيأس إن الله على كل شي قدير، وأنت إذا أراد الله أن يبقي المرض بك فقد يكون خيرا لك، لأنك تكسب من ورائه الثواب من الله عزّ وجل، فإنه لايصيب المؤمن من همّ ولا غمّ ولا أذى حتى الشوكة يشاكلها إلا كفّر الله به يعني من ذنوبه، كما روي عن أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مصيبة يصاب بها المسلم إلا كفر بها عنه، حتى الشوكة يشاكها" (١).

القرآن

{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (١٩٠)} [آل عمران: ١٩٠]

التفسير:

إن في خلق السموات والأرض على غير مثال سابق، وفي تعاقُب الليل والنهار، واختلافهما طولا وقِصَرًا لدلائل وبراهين عظيمة على وحدانية الله لأصحاب العقول السليمة.

في سبب نزول الآية:

أخرج ابن أبي حاتم والطبراني (٢)، والواحدي (٣)، عن ابن عباس قال: "أتت قريش النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ادع لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهبا، فدعا ربه، فنزلت: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ " (٤).

واخرجه عبد بن حميد عن سعيد بن جبير مرسلا (٥)، قال ابن حجر: "والمرسل أصح" (٦).

قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ} [آل عمران: ١٩٠]، "أي: إِن في خلق السماوات والأرض على ما بهما من إِحكام وإٍبداع" (٧).

قال ابن كثير: " أي: هذه في ارتفاعها واتساعها، وهذه في انخفاضها وكثافتها واتضاعها وما فيهما من الآيات المشاهدة العظيمة من كواكب سيارات، وثوابتَ وبحار، وجبال وقفار وأشجار ونبات وزروع وثمار، وحيوان ومعادن ومنافع، مختلفة الألوان والطعوم والروائح والخواص" (٨).

قال ابن عطية: " ثم دل على مواضع النظر والعبرة، حيث يقع الاستدلال على الصانع بوجود السماوات والأرضين والمخلوقات دال على العلم، ومحال أن يكون موجود عالم مريد غير حي، فثبت بالنظر في هذه الآية عظم الصفات" (٩).

قوله تعالى: {وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [آل عمران: ١٩٠]، "أي: وتعاقب الليل والنهار على الدوام" (١٠).


(١) أخرجه مالك في الموطأ: ٥٨٤، وأحمد في المسند: ٦/ ٨٨، ٦/ ١١٣، ٦/ ١٢٠.
(٢) انظر: المعجم الكبير (١٢٣٢٢): ص ١٢/ ١٢، وإسناده ضعيف، بسبب يحيى (ديوان الضعفاء للذهبي: ٣٣٨ - رقم: ٤٦٥٧) وجعفر بن أبي المغيرة القمي (تقريب التهذيب: ١/ ١٣٣ - رقم: ١٠٢) وقد ضعفه الحافظان: الهيثمي (مجمع الزوائد: ٦/ ٣٢٩)، وابن كثير (تفسير ابن كثير: ٢/ ١٨٤).
عزاه ابن كثير إلى الطبراني ثم قال "٢/ ١٨٤": "وهذا مشكل فإن هذه الآية مدنية، وسؤالهم أن يكون الصفا ذهبا كان بمكة والله أعلم".
وكذلك قال ابن حجر في "الفتح" "٨/ ٢٣٥" وأجاب عنه فقال: "وعلى تقدير كونه محفوظا وصله ففيه إشكال من جهة أن هذه السورة مدنية، وقريش من أهل مكة. قلت: ويحتمل أن يكون سؤالهم لذلك بعد أن هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ولا سيما في زمن الهدنة".
(٣).انظر: أسباب النزول: ١٣٨ - ١٣٩.
(٤) تفسير ابن أبي حاتم (٤٦٥٥): ص ٣/ ٨٤١.
(٥) انظر: العجاب: ٢/ ٨١٦ - ٨١٧.
(٦) العجاب: ٢/ ٨١٧.
(٧) صفوة التفاسير: ٢٣٠.
(٨) تفسير ابن كثير: ٢/ ١٨٤.
(٩) المحرر الوجيز: ١/ ٥٥٤.
(١٠) صفوة التفاسير: ٢٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>