للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستأنسوا أيضاً بحديث أبي موسى عند مسلم " وإذا قرأ {وَلا الضَّآلِّينَ}، فقالوا: آمين" (١).

والثالث: أنه مخير. قاله ابن بكير (٢).

قال ابن عطية: " وقد روي عن مالك رضي الله عنه: أن الإمام يقولها أسرّ أم جهر" (٣).

والصحيح هو القول الأول، وعليه تدل الأحاديث الصحيحة، والآثار الواردة عن الصحابة رضي الله عنهم (٤)، كما ويجب التنبه إلى أن هذه السنة من سنن الصلاة لا يجوز أن تكون سببا للشقاق والنزاع بين المسلمين والله أعلم.

الفوائد:


(١) الموطأ: ١/ ٨٧، رواه البخاري: (٧٩٨)، ومسلم: (٤٠٩) من طريق مالك، به.
(٢) انظر: المحرر الوجيز: ١/ ٧٩.
(٣) المحرر الوجيز: ١/ ٧٩.
(٤) روى أبو داود (٧٩٩) عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: " تَرَكَ النَّاسُ التَّأْمِينَ! ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ. رفع صوته فقال: آمِينَ " قال الدارقطني: إسناده حسن، وقال البيهقي: حسن صحيح، وصححه الألباني فقال: " معناه صحيح، فإن له شاهدا من حديث وائل بن حجر بسند صحيح". انتهى من " سلسلة الأحاديث الضعيفة " (٢/ ٣٦٨). زاد ابن ماجة (٨٤٣) في روايته للحديث: (حَتَّى يَسْمَعَهَا أَهْلُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ، فَيَرْتَجُّ بِهَا الْمَسْجِدُ". وهذه الزيادة ضعيفة لا تصح، انظر: "تلخيص الحبير" (١/ ٢٣٨)، "الأحاديث الضعيفة " (٩٥١)، (٩٥٢). وروى الترمذي من حديث سفيان الثوري بسنده عن وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ: " سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ فَقَالَ: (آمِينَ) وَمَدَّ بِهَا صَوْتَهُ".قال النووي في المجموع (٣/ ٣٢٨): إسناده حسن، وصححه الألباني.
وقال البيهقي (٢/ ٥٩) وروينا عن ابن عمر رضى الله عنه " أنه كان يرفع بها صوته، إماما كان أو مأموما ". وهذا الأثر رواه البخاري عن ابن عمر معلقا، بصيغة الجزم، ولفظه: وَقَالَ نَافِعٌ: " كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَدَعُهُ، وَيَحُضُّهُمْ، وَسَمِعْتُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ خَيْرًا ".قال الحافظ ابن حجر رحمه الله (٢/ ٣٠٧). (وَيَحُضُّهُمْ)، أي: على قولها (آمين). (خَيْرًا)، أَي: فَضْلًا وَثَوَابًا. ووجه الاستدلال بأَثَرِ اِبْنِ عُمَرَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ كَانَ يُؤَمِّنُ إِذَا خَتَمَ الْفَاتِحَةَ , وَذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ إِمَامًا أَوْ مَأْمُومًا" انتهى.
وروى البيهقي (٢/ ٥٩)، وابن جبان في "الثقات" عن عَطَاء قَالَ: " أَدْرَكْتُ مِائَتَيْنِ مِنَ الصَّحَابَةِ، إِذَا قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا الضَّالِّينَ رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِآمِينَ ".
وقال الإمام البخاري رحمه الله: بَاب جَهْرِ الْمَأْمُومِ بِالتَّأْمِينِ، وروى فيه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إِذَا قَالَ الإِمَامُ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ {فَقُولُوا: آمِينَ". قال الحافظ ابن حجر: "قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: مُنَاسَبَةُ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ فِي الْحَدِيثِ الْأَمْرَ بِقَوْلِ آمِينَ، وَالْقَوْلُ إِذَا وَقَعَ بِهِ الْخِطَابُ مُطْلَقًا، حُمِلَ عَلَى الْجَهْرِ، وَمَتَى أُرِيدَ بِهِ الْإِسْرَارُ أَوْ حَدِيثُ النَّفْسِ: قُيِّدَ بِذَلِكَ. وَقَالَ اِبْنُ رُشيد: تُؤْخَذُ الْمُنَاسَبَةُ مِنْهُ مِنْ جِهَاتٍ: مِنْهَا أَنَّهُ قَالَ " إِذَا قَالَ الْإِمَامُ، فَقُولُوا " فَقَابَلَ الْقَوْلَ بِالْقَوْلِ، وَالْإِمَامُ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ جَهْرًا، فَكَانَ الظَّاهِرُ الِاتِّفَاقَ فِي الصِّفَةِ ... ".انتهى من " فتح الباري " (٢/ ٣١١).
وقال النووي في " الأذكار" (ص ٥١): " ويجهر به (التأمين) الإمام والمنفرد في الصلاة الجهرية، والصحيح أن المأموم أيضا يجهر به، سواء كان الجمع قليلا أو كثيرا " انتهى.
... وقال ابن القيم رحمه الله: "السنةُ المحكمةُ الصحيحةُ: الجهرُ بآمين في الصلاة، لقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: "إذا أمن الأمام فأمنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه"؛ ولولا جهره بالتأمين لما أمكن المأموم أن يؤمن معه ويوافقه في التأمين، وأصرح من هذا حديث وائل بن حجر وحديث أبي هريرة رضي الله عنهما ... وذكر الحديثين المتقدمين، ثم قال: وسئل الشافعي عن الإمام هل يرفع صوته بآمين؟ قال: نعم، ويرفع بها من خلفه أصواتهم. فقيل له: وما الحجة؟ فقال: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أمن الإمام)؛ فيه دلالة على أنه أمر الإمام أن يجهر بآمين، لأن من خلفه لا يعرفون وقت تأمينه إلا بأن يسمع تأمينه". انتهى من " إعلام الموقعين " (٢/ ٣٩٦ - ٣٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>