للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجَاعِل الشَّمس مِصْرًا لا خَفَاءَ بِه ... بَيْن النَّهارِ وَبيْنَ اللَّيل قد فَصَلا

ولم يقل بين النهار والليل. وقال الآخر (١):

بَيْنَ الأشَجِّ وبَيْنَ قَيْسٍ باذخٌ ... بَخْ بَخْ لوَالِدِهِ وللمَولُودِ " (٢).

قال ابن عطية: : " وتكررت {إِيَّاكَ}، بحسب اختلاف الفعلين، فاحتاج كل واحد منهما إلى تأكيد واهتمام" (٣).

قال أبو حيان: " كرر {إياك} ليكون كل من العبادة والاستعانة سيقا في جملتين، وكل منهما مقصودة، وللتنصيص على طلب العون منه" (٤).

قال أبو السعود: "تكرير الضمير المنصوب للتنصيص على تخصيصه تعالى بكل واحدة من العبادة والاستعانة" (٥).

قال الراغب: " وقال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، لكان يصح أن يعتقد أن الاستعانة بغيره، وكان إعادته أبلغ" (٦).

والثاني: أن الأفصح إعادة الضمير مع كل فعل اتصل به، فيقال: اللهم إنا نعبدك ونستعينك ونحمدك ونشكرك، وإن كان ترك الإعادة جائزا. وهذا قول الطبري (٧).

والراجح أن الغرض من التكرار للتوكيد والتنصيص، والإهتمام، " لأن العرب إذا جمعت فعلين واقعين اكتفت بوقوع أحدهما من وقوع الآخر، فيقولون: قد أكرمتك وألطفت، قال الله تعالى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: ٣]، أراد (وما قلاك) (٨) فاكتفى بوقوع الأول من وقوع الثاني" (٩). والله أعلم.


(١) البيت لأعشى هَمْدان، انظر: ديوان الأعشين: ٣٢٣، والأغاني ٦/ ٤٦، ٦١، وتفسير الطبري: ١/ ١٦٥، وأعشى همدان هو عبد الرحمن بن عبد الله الهمداني أبو مصبح، كان أحد الفقهاء القراء، ثم ترك ذلك وقال الشعر. يمدح عبد الحمن بن الأشعث بن قيس الكندي، وكان خرج على الحجاج، فخرج معه الفقهاء والقراء، فلما أسر الحجاج الأعشى، قال له: ألست القائل: وأنشده البيت - والله لا تبخبخ بعدها أبدًا! وقتله. الأشج: هو الأشعث والد عبد الحمن، وقيس جده. وبخ بخ: كلمة للتعظيم والتفخيم.
(٢) تفسير الثعلبي: ١/ ١١٨.
(٣) المحرر الوجيز: ١/ ٧٢.
(٤) البحر المحيط" ١/ ٢٥.
(٥) تفسير أبي السعود: ١/ ١٧.
(٦) تفسير الراغب الأصفهاني: ١/ ٥٩.
(٧) انظر: تفسير الطبري: ١/ ١٦٤ - ١٦٥.
(٨) قال أبو حيان: "حذف المفعول اختصارا في (قلى) إذ يعلم أنه ضمير المخاطب وهو الرسول - صلى الله عليه وسلم -. "البحر المحيط" ٨/ ٤٨٥.
وقال الرازي في حذف الكاف وجوه:
١ - اكتفاء بالكاف في (ودعك)، ولأن رؤوس الآيات بالياء، فأوجب اتفاق الفواصل حذف الكاف.
٢ - الإطلاق، أنه ما قلاك، ولا أحدا من أصحابك، ولا أحدا ممن أحبك". [انظر: مفاتيح الغيب: ٣١/ ٢٠٩، وانظر تفسير القرطبي ٢٠/ ٩٤].
(٩) التفسير البسيط: ١/ ٥١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>