للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي نوع (مِن) في قوله تعالى: {مِمَّا فِي الْأَرْضِ} [البقرة: ١٦٨]، وجهان (١):

أحدهما: أن تكون لبيان الجنس.

والثاني: أن تكون للتبعيض.

قال ابن كثير: "كونها لبيان الجنس أولى؛ ويرجحه قوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً} [البقرة: ٢٩] " (٢).

قوله تعالى: {وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [البقرة: ١٦٨]، " أي ولا تقتدوا بآثار الشيطان فيما يزينه لكم من المعاصي والفواحش" (٣).

قال الزجاج: " أي لا تسلكوا الطريق الذي يدعوكم إليه الشيطان" (٤).

قال مقاتل: " يعني تزيين الشيطان في تحريم الحرث والأنعام" (٥).

قال البيضاوي: أي" لا تقتدوا به في اتباع الهوى، فتحرموا الحلال وتحللوا الحرام" (٦).

قال أبو السعود: " أي لا تقتدوا بها في اتباع الهوى" (٧)

قال ابن عطية: " المعنى: النهي عن اتباع الشيطان وسلوك سبله وطرائقه ... وكل ما عدا السنن والشرائع من البدع والمعاصي فهي خطوات الشيطان" (٨).

و{خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ}: هي: "طرائقه ومسالكه فيما أضل أتباعه فيه من تحريم البَحَائر والسوائب والوصائل ونحوها مما زَينه لهم في جاهليتهم، كما في حديث عياض بن حمَار الذي في صحيح مسلم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يقول الله تعالى: إن كل ما أمنحُه عبادي فهو لهم حلال" وفيه: "وإني خلقت عبادي حُنَفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحَرَّمتْ عليهم ما أحللتُ لهم" (٩) " (١٠).

قال ابن عثيمين: " و {خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ}، أي: أعماله التي يعملها، ويخطو إليها؛ وهو شامل للشرك فما دونه؛ فإن الشيطان يأمر بالفحشاء، والمنكر؛ قال تعالى: {إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على ما لا تعلمون} [البقرة: ١٦٩]، وقال تعالى: {ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر} [النور: ٢١]؛ فكل شيء حرمه الله فهو من خطوات الشيطان سواء كان عن استكبار، أو تكذيب، أو استهزاء، أو غير ذلك؛ لأنه يأمر به، وينادي به، ويدعو إليه" (١١).

قال الثعلبي: " والخطوة ما بين القدمين، والخطوة بالفتح الفعلة الواحدة من قول القائل: خطوت خطوة واحدة" (١٢).

قال الطبري: {خُطُوَاتِ}، جمع خطوة، والجمع خطوات-بالتحريك- وخطاء، مثل ركوة وركاء، قال امرؤ القيس (١٣):

لها وثبات كوثب الظباء ... فواد خطاء وواد مطر" (١٤)


(١) انظر: تفسير ابن كثير: ١/ ٤٧٨.
(٢) تفسير ابن كثير: ١/ ٤٧٨.
(٣) صفوة التفاسير: ١/ ١٠١.
(٤) معاني القرآن: ١/ ٢٤١.
(٥) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ١٥٥.
(٦) تفسير البيضاوي: ١/ ١١٨.
(٧) تفسير أبي السعود: ١/ ١٨٧.
(٨) المحرر الوجيز: ١/ ٢٣٧.
(٩) صحيح مسلم برقم (٢٨٦٥).
(١٠) تفسير ابن كثير: ١/ ٤٧٨.
(١١) تفسير ابن عثيمين: ٢/ ٢٣٣.
(١٢) تفسير الثعلبي: ٢/ ٣٨.
(١٣) ديوانه: ٧٢.
(١٤) انظر: مفاتيح الغيب: ٥/ ١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>