٢ وكان من هؤلاء الهاجمين عريعر بن دجين أمير الأحساء، وكان من ألد أعداء التوحيد، فكان يقتل كل من ظفر به من الموحدين، ويغير على مدنهم وقراهم كلما سنحت الفرصة. ولكن كل هذا لم يثلج صدره ولم يقر عينه، وكانت شعلة العداوة متأججة في قلبه، فرأى أن يهجم على الدرعية نفسها، ويتخلص من هذا الخطر الذي أقضّ مضجعه. خرج عريعر بن دجين في سنة ١١٧٨ هـ، وقد جمع كيده من كل ناحية واستنفر كثيرا من أهل القرى والمدن، وتوجه نحو مركز الدرعية في جيش ضخم، وكلما مر على قرية أو قبيلة قدموا له ولاءهم، وخرج كثير من أهل القلوب المريضة عن اتباع الشيخ والأمير محمد بن سعود لما رأوا هذه الجيوش الجرارة وعدتهم وعتادهم ظنوا أن الدرعية سوف تنقلب إلى أساطير بين عشية وضحاها. وصل عريعر إلى الدرعية وحاصر المدينة حصارا كاملا. وطال الحصار، ولكن المدينة كانت محصنة ماديا ومعنويا. فالذين كانوا يدافعون عنها ما كانوا يدافعون عن مدينة واحدة، ولكنهم كانوا يدافعون عن العقيدة التي هي قوام حياتهم ومفتاح نجاحهم، وكانوا يستميتون في سبيل الله. فكانت الجنود المرابطة في أبراج السور تقضي على كل من تجرأ على التقدم نح المدينة، واستمر هذا الحصار عشرين يوما أو أكثر، وأنزل الله الرعب والفزع في قلب العدو فجزع وجبن وولى خائبا خاسرا، ونجت الدرعية ونجا أهلها من شرهم والحمد لله أولا وآخرا (المترجم) .