١٣٥ - وأخرج البخاري ومسلم والترمذي عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطبة ما سمعت مثلها قط، فقال: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، قال: فغطى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجوههم، ولهم خنين، فقال رجل: من أبي؟ قال: فلان، فنزلت هذه الآية:{لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم}[المائدة: ١٠١].
وفي رواية أخرى: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج حين زاغت الشمس، فصلى الظهر، فقام على المنبر، فذكر الساعة، وذكر أن فيها أموراً عظاماً، ثم قال: من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل، فلا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم ما دمت في مقامي، فأكثر الناس بالبكاء، وأكثر أن يقول:«سلوا»، فقام عبد الله بن حذافة السهمي، فقال: من أبي؟ فقال: أبوك حذافة، ثم أكثر أن يقول: سلوني، فترك عمر على ركبتيه، فقال: رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً، فسكت، ثم قال: عرض عليَّ الجنة والنار آنفاً في عرض هذا الحائط، فلم أر كاليوم في الخير والشر. قال ابن شهاب: فأخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: قالت أم عبد الله بن حذافة لعبد الله بن حذافة: ما سمعت قط أعق منك، أمنت أن تكون أمك قارفت بعض ما يقارف أهل الجاهلية فتفضحها على أعين الناس؟ فقال عبد الله بن حذافة: لو ألحقني بعبد أسود للحقته.