للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإطراب وعن مرتبة الطوال من حيث جلال النغم. ولذلك فإن الناظمين فيه مما يستعينون بالقوافي الوئاد الثقال من قوافي المترادف ليضيفوا عليه ثوبًا من الأبهة.

والسريع الثاني كما في قول الوليد بن يزيد:

نشربها صرفًا وممزوجة ... بالسخن أحيانًا وبالفاتر

والسريع الثالث كما في قول العباس بن الأحنف:

يا فوز يا منية عباس ... واحربا من قلبك القاسي

كلاهما دون السريع الأول في الجلال، وكأنما هما سجع صرف، لولا شدة انتظام التفعيلات والقوافي. ولذلك فالمجودون من الشعراء أمثال النابغة وزهير وطفيل الغنوي وعامر بن الطفيل ولبيد بن ربيعة قد تحاشوهما حتى كادت دواوينهم تخلو منهما كل الخلو. وكأن زهيرًا والنابغة (١) احتقرا هذين الوزنين، إذ ليس منهما في ديوانيهما شيء ... وقد جاء امرؤ القيس بالسريع الثاني في كلمته:

يا دار ماوية بالحائل ... فالسهب فالخبتين من عاقل

صم صداها وعفا رسمها ... واستعجمت عن منطق السائل

قولا لدودان عبيد العصا ... ما غركم بالأسد الباسل (٢)

وهذا كأنه خطبة مسجوعة، لولا ما يلابسه من ذكر الأطلال والوزن والقافية. ولطرفة حائية (٣) مي أيضًا من قبيل الخطب، وذلك قوله:

أسلمني قومي ولم يغضبوا ... لسوءة حلت بهم فادحه


(١) ليس في ديوانه من السريع إلا "هذا غلام حسن وجهه"، وإنما ارتجلها.
(٢) مختارات الشعر الجاهلي ٧٢.
(٣) نفسه ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>