للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تداخلاً امتزاجياً لا يسمح بأي تصور ادعاء انفراد أحدهما بدور أقوى تأثيراً.

استقر في مصر بعض كبار تلاميذ مالك: ابن القاسم، وابن وهب، وأشهب، وابن عبد الحكم، ولكل سماعاته عن مالك، وآراؤه، وترجيحاته.

وفي تونس ترأس مدرسة المالكية - ومالك لا يزال حياً - ابن زياد تلميذ مالك، تلقى عن مالك كما تلقى عن العراقيين: فقهاء، ومحدثين، فكان مالكي المذهب على "نهج العراقيين في الفقه الفرضي" (١)، وتتلمذ عليه نابغتان: أسد بن الفرات، وسحنون عبد السلام، ظهر تأثير ابن زياد عليهما بمظهرين مختلفين.

نزح أسد بن الفرات بتوجيه من ابن زياد إلى المدينة ليستزيد من علم مالك، وليدرس عليه شخصياً، وهنا يلمس مالك تأثير منهج ابن زياد في أسد، حيث تبين له من نمط أسئلته ميله إلى الفقه الفرضي، وما كان مالك ميالاً إلى هذا المنهج، ولذا فقد نصح أسداً: "هذه سلسلة بنت سليسلة، إن أردت ذلك فعليك بالعراق" (٢)، واستجاب أسد لنصيحة مالك، لا رغبة عن مذهبه، بل رغبة في التعمق في منهج أهل العراق؛ وهو مع كل ذلك متعلق بمالك ومذهبه.


(١) أعلام الفكر الإسلامي (ص ٢٥ - ٢٦).
(٢) المرجع السابق.

<<  <   >  >>