للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[إِطْلَاقُ اسْمِ "الصَّحِيحِ" عَلَى "التِّرْمِذِيِّ" وَ"النَّسَائِيِّ"]

وَكَانَ الحَاكِمُ أبُو عَبْدِ اللَّهِ وَالخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ (١) يُسَمِّيَانِ كِتَابَ التِّرْمِذِيِّ "الجَامِعَ الصَّحِيحَ". وَهَذَا تَسَاهُلٌ مِنْهُمَا؛ فَإِنَّ فِيهِ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً مُنْكَرَةً (٢).

وَقَوْلُ الحَافِظِ "أَبِي عَلِيِّ بْنِ السَّكَنِ"، وَكَذَا "الخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ" فِي كِتَابِ "السُّنَنِ" لِلنَّسَائِيِّ: "إِنَّهُ صَحِيحٌ" (٣). فِيهِ نَظَرٌ وَ " إنَّ لَهُ شَرْطًا فِي الرِّجَالِ أشَدَّ مِنْ شَرْطِ "مُسْلِمٍ" غَيْرُ مُسَلَّمٍ" (٤)؛ فَإِنَّ فِيهِ رِجَالًا مَجْهُولِينَ: إِمَّا عَيْنًا أوْ حَالًا، وَفِيهِمْ المَجْرُوحُ، (وَفِي الأحَادِيثٌ (٥)

______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______

= وَالحَقُّ: أنَّ ما في (المُوَطَّأِ) من الأَحادِيثِ المَوصُولَةِ المَرفُوعَةِ إلَى رَسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيهِ وسلَّمَ صِحاحٌ كُلِّهِا، بَل هِيَ في الصِّحَّةِ كَأحَادِيثِ الصَّحِيحَينِ، وأنَّ ما فِيهِ من المَرَاسِيلِ والبَلَاغاتِ (٣٤) وغَيرِها يُعْتَبرُ فِيهَا ما يُعتَبرُ في أَمْثالِها مِمَّا تَحْوِيهِ الكُتُبُ الأُخرَى. وإنَّما لمَ يُعدْ في الكُتُبِ الصِّحاحِ لِكَثرَتِها وكَثرَةِ الآرَاءِ الفِقهِيَّةِ لمالكٍ وغَيرِهِ، ثم إنَّ (المُوَطَّأَ) رَوَاهُ عن مَالِكٍ كَثِيرٌ من الأَئِمَّةِ وأَكبَرُ رِوَاياتِهِ فِيمَا قَالُوهُ رِوَايَةَ "القَعْنَبِيِّ" [١] والَّذِي في أَيْدِينا مِنهُ رِوَايَةُ "يَحيَى الليثِيِّ" وهِيَ المَشهُورَةُ الآنَ، ورِوايَةُ "مُحمدِ بنِ الحَسنِ" صَاحِبِ "أَبي حَنِيفَةَ"؛ وهِيَ مَطبُوعَةٌ في الهِندِ. [شاكر]


(١) تاريخ بغداد [٢/ ٤٢]
(٢) انظر: "المقدمة" (ص ١٨٦، ١٨٧).
(٣) وكذلك الإمام الذهبي في موقظته ص ٦٧ وصف سنن النسائي بالصحة حيث قال: "قال النسائي في عدة أماكن من صحيحه: وذكر كلمة معناها: كذا وكذا."
(٤) انظر: "شروط الأئمة الستة" ص ١٠٤، و"السير" ١٤/ ١٣١.
(٥) كذا في جميع النسخ وفي "م"، و "الحلبي" و "غراس": وفيه أحاديث.

<<  <   >  >>