للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بما أَمَر اللَّه تعالى به نَبيَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: ٧٣]، ومَأمورون بأن نَفعَل كل ما يَغيظهم؛ قال اللَّه تعالى: {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [الفتح: ٢٩]، وقال تعالى: {وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} [التوبة: ١٢٠]، فنحن مَأمورون بإِغاظتهم، وإِهانتهم ما استَطَعْنا؛ أمَّا أن نَذكُر ما فيه تَعلية شَأْنهم، وبَيان مَقدِرَتهم، وإِلْقاء الهَيْبة في قُلوبنا منهم؛ فإن هذا لا يَجوز كما قُلت.

وأنا حدَّثَني رجُل رَحِمَهُ اللَّهُ سافَر إلى لَنْدن، وبَقِيَ على لِباسه كما هو يَلبَسه في عُنيزةَ (مِشلَح، وعِقال، ونحوه) وكل شيء، يَقول: فصاروا يُكرِمونني إِكْرامًا عظيمًا حتى إني إذا جِئْت أَركَب السَّيَّارة يَتَبادَرون البابَ ليَفْتَحوه لي، بينما الذي يَذهَب من عندنا يَروح يَلبَس لِباسهم ما يُعَدُّ إلَّا كحامِل الزّبْل؛ لا يَهتَمُّون به إلَّا إن كان له صِفة رَسْمية يَهتَمُّون به من جِهة رَسْميَّته، أو كان يُمكِن أن يَنفعَهم بماله، على كلِّ حال مَنِ اتَّقَى اللَّه تعالى جعَل اللَّه تعالى له هَيْبة في القُلوب، اتَّقِ اللَّه تعالى يَتَّقِكَ الناس، وخاف من اللَّه تعالى يَخَفْك الناس.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أنه يَنبَغي للإنسان أن يُدخِل على المُؤمِن ما يُقوِّي عزيمته ويُنشِّطه؛ سواءٌ في الجِهاد في سَبيل اللَّه تعالى أو في غيره من الأعمال النافِعة.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مُكلَّفٌ، عبدٌ يُؤمَر ويُنهَى؛ لقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ}.

إِذَنْ: إذا لم يُغرِه اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بهم، فالواجِب عليه الكَفُّ والتَّوقُّف حتى يُؤذَن له فيه.

<<  <   >  >>