للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من فوائد الآية الكريمة:

الْفَائِدَة الأُولَى: أن للَّه عَزَّ وَجَلَّ أن يَختَصَّ بأحكامه مَن يَشاء بقوله تعالى: {تُرْجِي} و {وَتُؤْوِي} على القول بأن المُراد بذلك العَدْل أو القَسْم، فاللَّه تعالى خيَّره بين التِزام القَسْم وعدَمه، وهذا من خَصائِص النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمَّا الأُمَّة فقَدْ قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَة وَشِقُّهُ مَائِلٌ" (١)، وهذا يَدُلُّ على وُجوب العَدْل بين الزَّوْجات في الأُمَّة.

وعلى القول الثاني في قوله تعالى: {تُرْجِي} و {وَتُؤْوِي}: إن المُراد به قَبول مَن وهَبَت نَفْسها ورَدُّها، فيَكون فيه أيضًا دَليل على تَوسيع اللَّه تعالى لنَبيِّه محُمَّد -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما يَتَعلَّق بالنِّكاح، أنَّ له أَنْ يَقبَل وله ألَّا يَقبَل.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنه يَجوز للإنسان أن يَرجِع في حَقِّه بعد إسقاطه؛ لقوله تعالى: {وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} هذا إذا كان الحَقُّ مُتَجدِّدًا، أمَّا إذا كان الحَقُّ غيرَ مُتجَدِّد، فإن الإنسان إذأ أَسقَطه لا يَملِك الرُّجوع فيه.

مِثال ذلك: أَسقَطَتِ المرأة نَصيبَها أو حقَّها من نفَقة ماضية بأن يَكون الزوج قد ترَك الإِنْفاق عليها لمُدَّة سَنَة، فأَسقَط الحقَّ، فليس لها رُجوع؛ لأن الحقَّ هنا غَيرُ مُتجَدِّد، بل هو في شيء مضَى، أمَّا إذا أَسقَطَتِ المرأة حَقَّها من القَسْم، فلها أن تَرجِع؛ لأن حقَّها يَتَجدَّد، اللَّهُم إلَّا أَنْ يَكون ذلك مَشروطًا في العَقْد بأَنْ شَرَط الزوجُ على


(١) أخرجه الإمام أحمد (٢/ ٣٤٧)، وأبو داود: كتاب النكاح، باب في القسم بين النساء، رقم (٢١٣٣)، والترمذي: كتاب النكاح، باب ما جاء في التسوية بين الضرائر، رقم (١١٤١)، والنسائي: كتاب عشرة النساء، باب ميل الرجل إلى بعض نسائه دون بعض، رقم (٣٩٤٢)، وابن ماجه: كتاب النكاح، باب القسمة بين النساء، رقم (١٩٦٩)، من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.

<<  <   >  >>