أن نَأتِيَ بصِفة تُخرِجه؛ لأنَّه ليس بداخِل أصلًا حتى يَخرُج بهذه الصِّفةِ الذين من أَصلابِكم؛ ولكنها احتِراز من ابنِ الرَّضاعة، كما هو اختيار شيخِ الإسلام ابنِ تَيميَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ.
وقوله تعالى:{إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا}: {إِذَا قَضَوْا} الفاعِل يَعود على الأَدْعياء، وقوله تعالى:{إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا} فيه إشارة إلى أنَّه لو كان ذلك بضَغْط من الأبِ المُدَّعي لكان ذلك فيه حرَج، بل لا بُدَّ أن يَكونوا قد قضَوْا مِنهُنَّ وطَرًا وأنْهَوْا رَغْبَتَهُن فيهِنَّ.
وقوله تعالى:{وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا}، {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ}، قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [مَقضِيُّه {مَفْعُولًا}]، {أَمْرُ اللَّهِ} أي: الكَوْني؛ لأنَّ الشَّرعيَّ قد يُفعَل وقد لا يُفعَل، ولكن الأمر الذي لا بُدَّ أن يُفعَل هو أمر اللَّه تعالى الكَوْنيُّ، فإذا أمَرَ اللَّه تعالى بشيء كونًا فلا بُدَّ أن يَقَعَ.
وخُلاصَةُ تفسير هذه الآيةِ أن نَقول: إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ذكَّر نبيَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بهذا الأَمرِ العَظيمِ، وهو قولُه لزَيدِ بنِ حارِثةَ -رضي اللَّه عنه- حين جاء يَستَشيره في طلاق زَوجَتِه:{أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ}، مع عِلْم النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بأن اللَّه تعالى سَوْف يُزوِّجه إيَّاها، وكان على النبيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أن يَسكُت على الأقَلِّ، ويَقول: انظُرْ ما يَبدو لك في هذا الأَمرِ، لكنه أَشار عليه أن يُمسِكَ؛ لأنَّه يَخشَى أن يَقول الناس: تَزوَّج امرأةَ ابنِه الذي تَبنَّاه. فكان النبيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَخاف من هذا الأَمرِ، ولكن اللَّه تعالى وجَّهَه هذا التوجيهَ السليمَ.