للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النَّفي، فيَكون للعُموم، فعاد الضمير إليه باعتِبار المَعنَى، لا باعتِبار اللَّفْظ.

وقوله تعالى: {مِنْ أَمْرِهِمْ} مَعناه: أي: من شَأْنهم، ويَجوز أن يَكون {مِنْ أَمْرِهِمْ}؛ أي: من أَمْر اللَّه تعالى إيَّاهم، فعلى الأوَّل: يَكون الإضافة من باب إضافة الشَّيء إلى فاعِله، وعلى الثاني: من باب إضافته إلى مَفعوله، وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [خِلَاف] هذه بالنَّصْب مَفعولٌ للخِيَرة بمَعنى الاختيار، يَعنِي: ما كان لهم أن يَختاروا [خِلافَ أَمْر اللَّهِ ورَسولِه]، فتَبيَّن الآنَ مَعنَى الآية.

فمَعنَى الآية: أنَّ اللَّه تعالى يَقول: لا يُمكِن لمُؤمِن ولا مُؤمِنة، -لا يُمكِن شَرْعًا، فإذا قضَى اللَّه تعالى ورسولُه -صلى اللَّه عليه وسلم- أَمْرًا أن يُخالِفوا أمرَ اللَّه تعالى ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأن يَختاروا خِلافَ أمر اللَّه تعالى ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا يُمكِن؛ لأنَّ ما في قُلوبهم من الإيمان يَمنَعهم من المُخالَفة، ألَا ترَى إلى قول النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنى وَهُوَ مُؤْمِنٌ"؛ لأنه لو كان في قَلْبه إيمان حين الزِّنا، ما زنَى، "وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ" (١)، فالإِيمان إذا وقَر في القَلْب لا يُمكِن أن يَكونَ صاحِبه مخُالِفًا لأَمْر اللَّه تعالى ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-.

قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [نَزَلَت في عبد اللَّه بن جَحْش وأُختِه زَينبَ خطَبها النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لزَيدِ بنِ حارِثةَ، فكَرِها ذلك حين عَلِم بظَنِّهما قَبْلُ أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- خطَبَها لنَفْسه ثُمَّ رَضِيَا للآية].

هكذا ذكَرَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ أنَّها نزَلَت في هذه القِصَّةِ، وهذ القِصَّةُ ضَعيفة (٢)؛


(١) أخرجه البخاري: كتاب المظالم، باب النهبى بغير إذن صاحبه، رقم (٢٤٧٥)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب بيان نقصان الإيمان بالمعاصي، رقم (٥٧) من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.
(٢) أخرجها عبد الرزاق في التفسير (٣/ ٤٠)، والطبري في التفسير (١٩/ ١١٣)، والطبراني في المعجم الكبير (٢٤/ ٤٥)، عن قتادة.

<<  <   >  >>