وفسَّره أهلُ السُّنَّة فقالوا: إن اللَّطيف جاء في كِتاب اللَّه تعالى مُعدًّى باللَّام ومُعدًّى بالباء، قال تعالى {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ}[الشورى: ١٩]، وقال تعالى:{إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ}[يوسف: ١٠٠]، فعُدِّيَ بالباء وعُدِّيَ باللَّام.
وعلى هذا فيَكون اللَّطيف له مَعنَيان:
أحدُهما: اللُّطْف للعَبْد، وهو أنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يُقدّر له مَواقِع الإحسان، بمَعنى أنه يَلطُف له فيُيَسِّر له الأمرَ، ويُسهِّله عليه.
الثاني: اللَّطيف به بالباء، وهو بمَعنى: إدراك الأمور الخفِيَّة؛ لأن اللطيف مَعناه: الذي يُدرِك ما لطُف، فمَعنى {لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ}، أي: مُدرِكٌ لما خَفِيَ من أمورهم، فيَكون بمَعنَى الخَبير، بل أدَقُّ من مَعنى الخبير؛ ولهذا جمَع اللَّه تعالى بينهما فقال:{خَبِيرًا}، والخبير قال العُلَماء رَحِمَهُم اللَّهُ: هو العالِم ببَواطِن الأمور.
يَقول ابنُ القيِّم في النونية -وهي من أحسَنِ ما نُظِمَ في التَّوْحيد وأَجمَعِه-:
فصار اللَّطيف له مَعنَيان: اللَّطيف للعَبْد، واللَّطيف به؛ فاللَّطيف به بمَعنَى: الخَبير ببَواطِن أُموره، وما لَطُفَ من أَمْره، وله الذي يُقَدِّرُ له من أَسرار حِكْمته أو من أَسرار إِحْسانه وفَضْله ما لا يُدرِكه بعَقْله.