الزكاة فيه، أو عند بَعضِهن من الحُليِّ كما في حديث أُمِّ سلَمةَ -رضي اللَّه عنها- أنها كانت تَلبَس أَوْضاحًا من ذهَب؛ فقالت: يا رسولَ اللَّهِ، أَكَنْزٌ هو؟ قال:"إِذَا أَدَّيْتِ زَكاتَهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ"(١).
فهُنَّ عِندهن ما يُزكِّين به، قد لا يَكون دراهِمَ ودنانيرَ، ولكن من الحُليِّ.
وقوله تعالى:{وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} أَطِعْنَ اللَّه، الطاعة قال العُلَماء رَحِمَهُم اللَّهُ: هي مُوافَقة الأَمْر. أي: عدَم المَعصية، فتُوافِقُ أمرَ المُطَاع إنْ كَانَ مَطْلُوبًا بالفِعْل، وإنْ كان مَنهيًّا عنه بالتَّرْك.
وقوله تعالى:{وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} عَطْف طاعة الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ على طاعة اللَّه تعالى بالواو؛ لأنَّ طاعة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- من طاعة اللَّه تعالى، كما قال اللَّه تعالى:{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}، وقد سبَقَ لنا مِرارًا وتَكرارًا: أنَّ المَسائِل الشرعية يَجوزُ أن يُقرَن فيها بين اللَّه تعالى وبين الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنَّ ما جاء به النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من المَسائِل الشَّرْعية هو ممَّا أمَرَ اللَّه تعالى به.
وقوله تعالى:{وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} هل المُراد هنا طاعة التَّعبُّد؟ أم المُراد بها عدَم المُخالَفة؟ أمَّا بالنِّسْبة لطاعة اللَّه تعالى فهي طاعة التَّعبُّد، والتَّذلُّل ورجاء الثَّواب والخوف من العِقاب، وأمَّا طاعَةُ الرَّسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فإنها طاعة بمَعنَى: مُوافَقة الأَمْر سَواء كان فيما يَأمُرُ به من الشَّرْع، أو فيما يَأمُر به من حوائِجه الخاصة؛ فإنَّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يُوجِّه الأمر إلى أهله، إمَّا على سبيل العِبادة، ممَّا أَمَره اللَّه تعالى به، وإمَّا على سبيل الأمور الخاصَّة المُتعلِّقة به عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
(١) أخرجه أبو داود: كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، رقم (١٥٦٤).