للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية استنباطاً أصولياً، وهو دلالتها باللازم على أن القول بغير دليل منكر، وهذا يستلزم ذم التقليد وحُرمته، حيث أوضح تعالى كذب هؤلاء المشركين بالله ملائكته، ووبَّخهم، وبيَّن جهلهم في نسبة الأولاد إلى الله سبحانه، ثم في تحكمهم بأن الملائكة إناث وهم بنات الله، ثم كيف حكموا بأنهم إناث من غير دليل. (١)

فدلَّ هذا على أن القول بغير دليل باطل، ودلَّ باللازم على ذم التقليد واتباع جهل الآباء كما جاء في رواية الكلبي ومقاتل.

والتقليد هو: قبول القول بغير دليل أو حجة (٢)، واشتقاقه من القِلادة، فالتقليد في اللغة: وضع الشيء في العنق مع الإحاطة به (٣)؛ لأنها تكون في الرقبة، فاشتُقَّ التقليد منها؛ كأن المقلد يُطوِّق المجتهد تبعات ما قلَّده فيه من إثم، في حالة غشه في دينه وكتمه عنه العلم الصحيح. (٤)

وحُكم التقليد مختلف فيه بين الجواز والمنع، ولكل من المجيز والمانع دليله، وقيل يجوز التقليد في الفروع دون الأصول والعقائد. (٥)

وقد أجمع جمهور الأصوليين على ذم التقليد بدون حجة وحرمته. (٦) ولا


(١) ينظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٦/ ٧٣)
(٢) ينظر: العدة في أصول الفقه لأبي يعلى (٤/ ١٢١٦)، والإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (٦/ ٥٩).
(٣) ينظر: معجم مقاييس اللغة (٥/ ١٩)، والقاموس المحيط للفيروز آبادي (١/ ٣٢٩) مادة (قلد).
(٤) ينظر: شرح مختصر الروضة للطوفي (٣/ ٦٥٠)
(٥) ينظر حكم التقليد وأدلته في: روضة الناظر لابن قدامه (٢/ ٣٨٠)، وكشف الأسرار شرح أصول البزدوي (٣/ ٣٨٨): البحر المحيط للزركشي (٨/ ٣٢٩) والمختصر في أصول الفقه لابن اللحام (١/ ١٦٦)، وإرشاد الفحول للشوكاني (٢/ ٢٤١)، والمستدرك على مجموع الفتاوى للقاسم (٢/ ٢٥٤).
(٦) ينظر: الأحكام للآمدي (٤/ ٢٣٠)، والإبهاج في شرح المنهاج للسبكي (٥/ ٤٣٨)

<<  <   >  >>