للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بحدود ألفاظ الآيات، وفهم وجوه معانيها، وأساليبها، ثُم يَستظهر المستنبِط بعد ذلك -برسوخ في علوم اللسان والبيان، وأصول الشرع ومقاصده - ما تقع عليه بصيرته من دقائق المعاني، ومحاسن الإشارات، الأقرب منها فالأقرب إلى معنى الآية، ثمَّ الأقوى منها فالأقوى في الدلالة على مقصده ومراده.

قال ابن جرير: (أولى العبارات أن يُعبَّر بها عن معاني القرآن أقربها إلى فهم سامعيه) (١)، وقال الراغب الأصفهاني: (إن المائل إلى دقيق المحاجَّة هو العاجز عن إقامة الحُجة بالجَلي من الكلام؛ فإنَّ من استطاع أن يُفهِم بالأوضح الذي يفهمه الكثيرون، لم ينحط إلى الأغمض الذي لا يعرفه إلا الأقلون، وقد أخرج الله تعالى مخاطباته في أجلى صورة تشتمل على أدق دقيق؛ لتَفهم العامة من جلِيها ما يُقنعهم ويُلزمهم الحجة، ويُفهم الخواص من أسرارها ودقائقها). (٢)

وقال ابن القيم: (إذا دعاك اللفظ إلى المعنى من مكان قريب، فلا تُجِب من دعاك إليه من مكان بعيد). (٣)

وبهذا يظهر أنَّ بذلَ غاية الوسعِ والاجتهاد في تفحصِ معاني الآيات ووجوهها، والغوص في مدلولات ألفاظها ومقاصدها، هو أعظم شرط لنيل المقصود في هذا الباب (٤)، والله تعالى أعلم.


(١) جامع البيان (١٨/ ٤٢٢)
(٢) مقدمة تفسير الراغب الأصفهاني (١/ ٢٧) بتصرف يسير.
(٣) التبيان في أقسام القرآن (١/ ٢١٩).
(٤) ينظر: معالم الاستنباط في التفسير ص ٤٥ - ٤٧

<<  <   >  >>