للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حقِّ اللفظ والمعنى استيعاب المعاني الصحيحة المتعلقة بهما من جهة نِدِّ المعنى ولوازمه وأشباهه ونظائره. (١)

ثالثاً: أن الاستنباط سبب لنيل العلم وتحصيله:

وقد أشار السعدي (٢) إلى هذا فقال: (لا يكون المتدبر مقتصراً على مجرد معنى اللفظ بمفرده، بل ينبغي له أن يتدبر معنى اللفظ، فإذا فهمه فهما صحيحاً على وجهه، نظر بعقله إلى ذلك الأمر والطرق الموصلة إليه، وما لا يتم إلا به وما يتوقف عليه، وجزم بأن الله أراده، كما يجزم أنه أراد المعنى الخاص، الدال عليه اللفظ.

والذي يوجب له الجزم بأن الله أراده أمران:

أحدهما: معرفته وجزمه بأنه من توابع المعنى والمتوقف عليه.

والثاني: علمه بأن الله بكل شيء عليم، وأن الله أمر عباده بالتدبر والتفكر في كتابه.

وقد علم تعالى ما يلزم من تلك المعاني. وهو المخبر بأن كتابه هدى ونور وتبيان لكل شيء، وأنه أفصح الكلام وأجلّه إيضاحاً، فبذلك يحصل للعبد من العلم العظيم والخير الكثير، بحسب ما وفقه الله له وقد كان في تفسيرنا هذا، كثير من هذا منَّ به الله علينا، وقد يخفى في بعض الآيات مأخذه على غير المتأمل صحيح الفكرة). (٣)

رابعاً: أن المعاني المأخوذة بالاستنباط أكثر وأغنى من معاني الألفاظ المباشرة، بل إن من أحكام الحوادث ما لا يُعرف بالنصِّ وإنما بالاستنباط، وكم من سِرٍّ وحُكمٍ نَبَّهت عليهما إشارة الآية، ولم تبينهما العبارة، فليس كل حكم يؤخذ من اللفظ، بل


(١) ينظر: مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية (٥/ ١٦٣)، ومعالم الاستنباط في التفسير ص ٢٣
(٢) هو: عبدالرحمن بن ناصر السعدي، نشأ يتيماً وحفظ القرآن، وجدّ في طلب العلم، تولى القضاء وكان عالماً جليلاً وقاضياً مسدداً، له مؤلفات كثيرة منها: (تيسير الكريم الرحمن) و (القواعد الحسان لتفسير القرآن) وغيرها، توفي سنة ١٣٧٦ هـ. ينظر: علماء نجد خلال ستة قرون للشيخ عبدالله البسام (٢/ ٤٢٢).
(٣) تيسير الكريم الرحمن (١/ ٧٣٣).

<<  <   >  >>