للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحكمه، إن شاء غفر لهم، وعفا عنهم بفضله، وإن شاء عذبهم في النار بعدله، ثم يخرجهم منها برحمته، وشفاعة الشافعين من أهل طاعته، ثم يبعثهم إلى جنته.) (١)

وقال ابن القيم في فصل الخلاف في أبدية النار وعذابها: (سبب التعذيب لا يزول إلا إذا كان السبب عارضاً كمعاصي الموحدين، أما إذا كان لازماً كالكفر والشرك فإن أثره لا يزول كما لا يزول السبب، وقد أشار سبحانه إلى هذه المعنى بعينه في مواضع من كتابه منها قوله تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [الأنعام: ٢٨]، فهذا إخبار بأن نفوسهم وطبائعهم لا تقتضي غير الكفر والشرك، وإنها غير قابلة للإيمان أصلاً، .. ومنها قوله تعالى: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [الأنفال: ٢٣]، وهذا يدل على أنه ليس فيهم خير يقتضي الرحمة ولو كان فيهم خير لما ضيع عليهم أثره.) (٢)

وهذه الدلالة من الآية نصَّ عليها من المفسرين: البيضاوي، وحقي، وابن عثيمين، وغيرهم. (٣)

وهي فائدة حسنة، فالخلود في النار سببه الكفر، والحُكم يَدور مع سببه وعِلَّته وجودًا وعَدمًا، فالكفار مخلدون لأنَّ صفة الكفر ملازمة لهم؛ فبِدَيمومة السبب الذي هو الكفر؛ دام المسبب الذي هو العذاب. (٤)


(١) ينظر: شرح الطحاوية لابن أبي العز (١/ ٣٥٩)، والقول السديد شرح كتاب التوحيد لابن سعدي (١/ ٩).
(٢) حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (١/ ٣٦٨)
(٣) ينظر: أنوار التنزيل (١/ ٧٥)، وروح البيان (١/ ١١٦)، وتفسير العثيمين: سورة البقرة (١/ ١٤١)
(٤) ينظر: معارج الصعود إلى تفسير سورة هود للشنقيطي، ص ٢٥٨.

<<  <   >  >>