للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدلالة الثالثة:

دوام عذاب النار، وخلود الكافر فيها.

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: (في هذه الآيات دلالة على أنّ الجنة مخلوقة، وأنها في جهة عالية، وأن عذاب النار دائم، وأن الكافر فيه مخلد، وأن غيره لا يخلد فيه بمفهوم قوله تعالى: {هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المجادلة: ١٧]). (١)

وجه الاستنباط:

في قوله تعالى {أَصْحَابُ النَّارِ} لأن المصاحبة تقتضي الملازمة، وقوله {هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} يفيد الحصر (٢)، فدلَّ بمفهومه على خلود الكافرين في النار. (٣)

الدراسة:

استنبط الخطيب بدلالة اللازم من الآية أن عذاب النار دائم، لأنه تعالى قال {أَصْحَابُ النَّارِ} أي الملازمون لها ملازمة الصاحب للصاحب والغريم لغريمه. (٤)

قال الشيخ ابن عثيمين: ({أَصْحَابُ النَّارِ} أي الملازمون لها؛ ولهذا لا تأتي «أصحاب النار» إلا في الكفار؛ لا تأتي في المؤمنين أبداً؛ لأن المراد الذين هم مصاحبون لها؛ والمصاحَبُ لابد أن يلازَم من صاحبه؛ وقوله {هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} أي ماكثون، والمراد بذلك المكث الدائم الأبدي؛ ودليل ذلك ثلاث آيات في كتاب الله؛ آية في النساء، وآية في الأحزاب، وآية في الجن؛ أما آية النساء فقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (١٦٨) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ


(١) السراج المنير (١/ ٦١)
(٢) الحصر هنا بأسلوب تقديم ماحقه التأخير (قصر الصفة على الموصوف).
(٣) ينظر: روح البيان لحقي (١/ ١١٦)
(٤) ينظر: جامع البيان للطبري (١/ ٢٤٨)

<<  <   >  >>