للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حصول السنة ولو قرأ في الثانية سورة لا تلي المقروءة في الأولى بل بعدها وهو كذلك. كما قال الشيخ الأمير: وليس ترك ما بعد السورة الأولى هجرا لها. انتهى. ويكره عند الحنفية الفصل بسورة لا بسورتين فأكثر، وظاهره أيضا: ولو قرأ في الثانية سورة قبل السورة الأولى. وقال الباجي: يكره. وسمع ابن القاسم: هو من عمل الناس، وهو والترتيب سواء، ورواية مطرف: والترتيب أفضل. ابن رشد: لعمري إنه أحسن؛ لأنه جل عمل الناس، فعدم الترتيب من عمل الناس والترتيب جل عملهم. عياض: ولا خلاف في جوازه، وإنما يكره في ركعة واحدة، وتحصل السنة ولو كرر سورة الأولى في الثانية. ابن عرفة: مكروه، وذكر غيره أنه خلاف الأولى، وانظر هل يجري مثل ذلك في النفل أم لا؟ ويجوز في النافلة قراءة سورتين في ركعة واحدة من غير كراهة، وكره مالك تكرار {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} في ركعة ليلا يعتقد أن أجر قارئها ثلاثا كأجر قارئ القرآن لخبر: (إنها تعدل ثلث القرآن (١))، وليس معناه ذلك عند العلماء. ومقتضى كلامه في البيان أن: الكراهة خاصة بحافظ القرآن، وحكى ابن السيد عن الفقهاء والمفسرين أن: قراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ثلاث مرات ثوابها كثواب ختمة كاملة، ويجري مثله في حديث: (إذا زلزلت تعدل نصف القرآن (٢)). قاله الشيخ عبد الباقي. وقال الشيخ الأمير: ولا يقرأ السورتين إلا مأموم خشي من سكوته تفكرا مكروها، ولا يكره التزام سورة مخصوصة بخلاف دعاء مخصوص. انتهى. وقال الشيخ عبد الباقي: ولا يكره تخصيص الصلاة بسورة فيما يظهر.

قال جامعه عفا الله عنه: قد مر عن ابن عرفة أن تكرير السورة مكروه، وعن غيره أنه خلاف الأولى. وحينئذ فمعنى ما ذكره هذان الشيخان من عدم كراهة تخصيص الصلاة بسورة حيث لم يكررها، بل التزم سورة في الأولى وسورة أخرى في الثانية. هذا على ما نقل عن ابن عرفة، وأما على ما لغيره فلا إشكال والله سبحانه أعلم. وفي ابن زكري على النصيحة الكافية: ومن آفات الصلاة أن يدخل فيها فيقف متفكرا فيما يقرأ من الآيات المناسبة لقصده، كأن يقرأ بـ {أَلَمْ


(١) مسلم، كتاب صلاة المسافرين، رقم الحديث: ٨١٢.
(٢) الترمذي، كتاب فضائل القرآن، رقم الحديث: ٢٨٩٤.