تعدد المحل كقلع عين من رجل وأخرى من رجل آخر كما ذكر الأبياري أنه الصحيح، فإن اتحد المحل اقتص من الجميع كما في المدونة، وإن لم تتميز ولم يحصل تمالؤ فقال أحمد: انظر هل يقتص من كل واحد بقدر الجميع أو تكون عليهم الدية؟ انتهى. والفرض أنه لم يمت. انتهى كلام عبد الباقي.
وقد جزم أبو علي بالثاني فإنه قال: ومفهوم تميزت أنها إذا لم تتميز مع عدم التمالؤ فإن القصاص ينتفي وهو كذلك أي لا يتأتى أن يقتص من كل كفعله بالضرورة، والحكم في هذه الصورة هو اشتراكهم في عقل الجنايات على حد سواء، بدليل قول النوادر: إذا افترقوا عنه وبه موضحة الخ، وكلام النوادر الذي أشار له هو إذا افترقوا عنه وبه موضحة لا يدرى من شجه أن العقل عليهم أجمعين. قال ابن القاسم: بعد يمينه أنه ما يعرف من شجه إلا أن يكونوا إنما اجتمعوا عليه للموضحة ولها أمسكوه وولي بعضهم شجه أو قطع يده فليقتص منهم بذلك الجرح. وقال البناني: قول الزرقاني: كقلع عين من رجل وأخرى من آخر الخ هذا لا يناسب ما هو فرض المسألة من تعدد الفاعل والمحل، وصوابه لو قال كقلع رجلين عيني رجل وهكذا في الأجهوري ونصه: قوله: "بلا تمالؤ" وكذا لو تميزت بتمالؤ كما ذكر الأبياري أنه الصحيح فيما إذا تمالأ رجلان على فقء عين رجل ففقأ كل واحد عينا أنه يفقأ من كل واحد مماثل ما فقأ، وقول المدونة: فيما إذا تمالأ جماعة على قطع يد شخص فإنه يقطع كل واحد لا يخالفه؛ إذ هو إذا وقع التمالؤ على قطع عضو واحد فتأمله. انتهى. وقول البناني: قول الزرقاني كقلع عين من رجل وأخرى من آخر قلع زيد عين عمرو اليمنى وقلع بكر عينه أي عين عمرو اليسرى، فقوله: من رجل متعلق بقلع تأمل. قاله مقيده عفا الله عنه. قال الرهوني: قول البناني: وهكذا في علي الأجهوري ونصه الخ مثله التاوري وكل منهما سلم ما قاله الأبياري، وقال شيخنا الجنوي: فيه نظر والجاري على القياس أن يقلع من كل واحد كلتا عينيه لأنهما مع التمالؤ؛ كأن كل واحد قلع عينيه. انتهى. قلت: وما قاله رضي الله عنه واضح، وفي قول الأجهوري - فتأمله - إشارة إلى البحث فيه مع أنه لم يقتصر على ما نقلناه عنه، بل زاد بعده ما نصه: وذكر أحمد خلاف هذا وأنه يفعل مع كل مثل ما فعل الجميع حيث تمالؤا على ذلك، وإن لم يباشروا فعل كل محل.