قال عبد الباقي: وإن زالت المساواة في خطإ أو عمد فيه دية ضمن وقت الإصابة في الجرح لا وقت السبب الذي هو الرمي، ووقت الموت في النفس لا وقت السبب الذي هو الجرح. هذا قول ابن القاسم، فمن رمى عبدا أو كافرا فلم تصل الرمية إليه حتى عتق العبد أو أسلم الكافر فإنه يضمن عوض جرح حر أو مسلم عند ابن القاسم، لا عوض جرح عبد أو كافر كما يقوله أشهب، ولو جرح مسلم مسلما فارتد المجروح ثم نزي فمات فلا قود في النفس قطعا، وكذا لا قصاص في الجرح عند ابن القاسم، وقال أشهب: القصاص في الجرح ثابت. انتهى.
وقال البناني عند قوله:"وضمن وقت الإصابة والموت" ما نصه: قد تقدم أنه لا بد في القصاص من استمرار التكافؤ في الحالات الثلاث: حالة الرمي والإصابة والموت، ومتى فقد التكافؤ في واحد منها سقط القصاص، وبين هنا أنه إذا سقط القصاص لفقد التكافؤ بين السبب والمسبب يضمن الدية، وأن المعتبر في ضمانها وقت الإصابة في الجرح ووقت التلف في الموت، ولا يراعى فيه وقت السبب وهو الرمي على قول ابن القاسم، ورجع إليه سحنون خلافا لأشهب. انتهى. وقال الشبراخيتي عند قوله "وضمن وقت الإصابة والموت": هذا في الخطإ والعمد الذي لا قصاص فيه، وما تقدم أول [الباب (١)] في العمد الذي فيه القصاص. انتهى.
تنبيه: قد مر أن المعتبر وقت الإصابة في الجرح عند ابن القاسم ووقت الموت في النفس، واعتبر أشهب وقت الرمي في الجرح ووقت الجرح في النفس، ويعتبر أيضا وقت الرمي في النفس عند أشهب. قال المواق: لو رمى مسلم مرتدا فأسلم قبل وصول الرمية فقتلته أو جرحته، فعليه في قول ابن القاسم - إن مات - الدية في ماله، وإن لم يمت فدية الجرح في ماله، وعلى قول أشهب: لا قصاص على الرامي في وقت لا قود فيه ولا عقل، ولو رمى عبد نفسه ثم أعتقه قبل إصابته، فعلى قول ابن القاسم: عليه الدية، وعلى قول غيره: لا شيء عليه، ولو رمى مسلم نصرانيا فأسلم قبل وصول الرمية فلا قصاص وفيه دية مسلم في قول ابن القاسم، وفي قول أشهب: ديته
(١) في نسخة: أول السبب، والمثبت من الشبراخيتي ج ٤ مخطوط.