للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الشبراخيتي: وإن كان من أحدهما خطأ ومن الآخر عمدا، فإن مات أحدهما فقط فإن كان المخطئ اقتص من المتعمد وإن كان المتعمد فديته على عاقلة المخطئ، وأما إن ماتا معا، فقال البساطي: دية المخطئ في مال المتعمد ودية المتعمد على عاقلة المخطئ. انتهى. ثم قال عن بعض شيوخه ما يخالف ما ذكره البساطي، فإنه قال: ولم يذكر الشارح حكم موتهما معا، وكذا لم يذكره التتائي، وذكره بعض شيوخنا فقال: إذا اصطدم بالغ وصبي عمدا وماتا فإن دية البالغ على عاقلة الصبي، ولا دية للصبي لأن قاتله عمدا قد قتل. انتهى. كلام الشبراخيتي. ونحوه للخرشي وعبد الباقي ولفظ عبد الباقي: كان الشيخ البنوفري يقرر فيما إذا ماتا معا أن دم المخطئ هدر، ومثل ذلك اصطدام بالغ وصبي عمدا الخ ما ذكره عن الأجهوري، قال البناني رادا على البنوفري والأجهوري ما نصه: ويقال إذا كان القاتل عمدا قد قتل خطأ فالمستحق لديته ولي مقتوله، لقول المصنف: "واستحق ولي دم من قتل القاتل كدية خطإ". فتأمل. انتهى. وما قاله البناني ظاهر. قاله مقيده عفا الله تعالى عنه. والله تعالى اعلم.

تنبيه: قد مر قول الحطاب في قولهم: إنه لا قود في السفينتين حيث تعمد أهلهما الاصطدام، وهو مشكل لأنه يقتضي أنه إذا تعمد أهل السفينة إغراق الأخرى فليس عليهم إلا الدية، والظاهر أنه يجب في ذلك القصاص لأنه كطرح غير محسن العوم وكالقتل بالمثقل. انتهى. قال الرهوني: سلم الزرقاني كلام الحطاب هذا كما سلمه غير واحد، حتى إن البناني ارتضى قول ابن عاشر: إن قوله "إلا لعجز" يرجع للسفينتين والمتصادمين؛ أي فيرجع لقوله: "وإن تصادما" ويكون المصنف جاريا على ما استظهره الحطاب في السفينتين من أن القود عند القصد، وفيه ما لا يخفى على كل متأمل أدنى تأمل، أما حمله على ظاهر اللفظ فواضح السقوط؛ إذ كيف يجري المصنف على استظهار الحطاب والمصنف متقدم عليه بأعصار؟ مع أن الحطاب معترف بأن ما قاله بحث له مخالف لظواهر النصوص، وقد رأيت النصوص السابقة الخالفة لبحث الحطاب، ولذلك أنكر ابن مرزوق وجود القول بالقصاص في اصطدام الفارسين، وقياس ذلك على طرح من لا يحسن العوم ووضع مثقل فيه نظر الخ. انتهى المراد منه.