خمسين يمينا أنه إنما مات من ضربه، فمنطوق المصنف صورتان ومفهومه صورة واحدة. والله تعالى أعلم.
تنبيه: يؤخذ من قوله: "ولا قسامة إن أنفذ مقتله" أن من أجهز على شخص بعد إنفاذ مقتل من مقاتله لا يقتل المجهز وإنما يقتل الأول وهو كذلك، ويبالغ في عقوبة المجهز لأنه اجترم أمرا عظيما. هذا نص يحيى عن ابن القاسم. وفي سماع أبي زيد: يقتل به الثاني فقط وعلى الأول الأدب؛ لأنه بعد إنفاذها معدود من جملة الأحياء يرث ويوصي بما شاء من عتق وغيره والأول أظهر. قاله ابن رشد. قوله: يرث كموت أخيه قبل زهوق روحه، ويورث كما إذا كان له أخ عبد أو كافر فأسلم بعد إنفاذ مقتله أو أعتق ثم مات منفوذ المقتل. قاله عبد الباقي. وقال الشبراخيتي: إن أنفذ - بالبناء للفاعل أي الفعل والفاعل والبناء للمفعول - مقتله: كأن قطع وريده أو نخاعه أو شق مصرانه، وسواء مات عاجلا أو عاش أياما ولو أكل أو شرب.
وتقدم بيان المقاتل في الذكاة أو مات مغمورا لم يأكل ولم يشرب ولم يتكلم ولم يفق حتى مات كما في المدونة وزاد عقبه: فإن أكل أو شرب وعاش حياة تعرف بعد ذلك ففيه القسامة في العمد والخطإ، إذ لعله مات من أمر عرض له بعد الضرب، وكذا إن مكث يوما أو يومين يتكلم ولم يأكل ولم يشرب، وكذلك إن قطع فخذه فعاش يوما وأكل وشرب ثم مات آخر النهار ففيه القسامة.
وكطرح غير محسن العوم عداوة يعني أنه إذا طرح من لا يحسن العوم في نهر - مثلا - لأجل عداوة بين الطارح والمطروح فمات المطروح، فإنه يقتص من الطارح، قال البناني: يتحصل من كلامهم أنه إن تحقق أنه يحسن العوم فلا قصاص ألقاه لعبا أو عداوة، وأنه إن تحقق أنه لا يحسن العوم فالقصاص مطلقا، وإذا جهل ففي العداوة القصاص وفي اللعب لا قصاص بل الدية. انتهى. زاد عن عبد الباقي صورة يقتص فيها وهي: ما إذا علم أنه يحسن العوم ولكن ظن أنه لا ينجو لشدة برد أو طول مسافة. انتهى. وقال البناني أيضا: فقول المصنف: "غير محسن العوم" أي في نفس الأمر والملقي جاهل. انتهى. وعبارة عبد الباقي:"وكطرح غير محسن العوم" في نفس الأمر عداوة، سواء علم أنه يحسن ذلك لكن ظن أنه لا ينجو لشدة برد أو طول مسافة يمل بها