للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأحرى النظرة لكن لا بد من تقييد النظرة بما قيدت به القبلة، وهو أن لا تفعل في ملإ من الناس وإلا فهي جرحة. نقله ابن عبد السلام عن بعضهم، فإنه لو فعل ذلك بزوجته أو أمته لكان جرحة أيضا: لأنه مناف للمروءة، وهي زائدة على العدالة. اهـ.

وسفاهة. عطف على فسق؛ يعني أنه يشترط في قبول شهادة الشاهد أن لا يكون ذا سفاهة أي مجون: بأن لا يبالي بما صنع، قال ابن مرزوق: كإخراج الصوت من فيه، وكالنطق بألفاظ الخنا في الملإ مما يستبشع النطق به، وأما فصْلُ المروءة فأكثر ما يذكر فيه ما هو من المباح وقد يفعله من ليس بسفيه، بخلاف السفاهة فمحرم أو قريب منه، فلذا لم يكتف المص بالمروءة. اهـ. قاله البناني. وقال عبد الباقي: وسفاهة؛ أي مجون بأن لا يبالي بما صنع، أو بأن تقل مروءته فيكثر الدعابة والهزل في أكثر الأوقات، لكن هذا يغني عنه قوله: ذو مروءة، فالأولى التفسير الأول، وإنما حمل قوله: وسفاهة على ما ذكر ليلا يكون فيه تكرار مع قوله: بلا حجر، وأما إذا حمل على السفه الذي ليس معه حجر فلا تكرار، وقد مر الكلام على شهادة السفيه عند قوله: وحجر، فراجعه إن شئت.

ولعب نرد، يعني أنه يشترط في شهادة الشاهد أن لا يلعب بالنرد فاللعب بالنرد، قادح في الشهادة. قال الشبراخيتي: ولعب نرد لخبر: (من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير أو دمه) (١). وفي الخبر أيضا: (ملعون من يلعب بالنردشير). ومن يكن ملعونا لم يكن عدلا، وظاهره ولو لم يُدْمنْ ذلك ولم يكن في قمار، وظاهر الحديث الشريف تحريم اللعب بالنرد، وتناوله لتشبيهه بتناول عين النجاسة بلا ضرورة، وبه جزم الزرقاني. اهـ. وقال التتائي: ولعب نرد لخبر: (من يلعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه). وظاهره وإن لم يدمن. اهـ. وقال عبد الباقي: ولعب نرد وإن لم يدمه بل ولو مرة ولو لم يكن في قمار، ومثله في الطاب. اهـ. وقال الخرشي: ولعب نرد لقوله عليه الصلاة والسلام: (من لعب بالنردشير فكأنما خضبت يده في لحم خنزير ودمه). اهـ. وقال ابن مرزوق: ولعب نرد؛ أي ولا يعلم منه أنه باشر لعب نرد


(١) مسلم، كتاب الشعر، رقم الحديث ٢٢٦٠.