لأنه معاوضة، وينظر فإن مات الملتزم قبل أن يشرع الملتزم له في العمل فلا يلزم الورثة التمادي، وإن مات بعد أن أتم العمل لزم الجعل، وإن مات في أثناء العمل فإن كان مما لا يتبعض كطلب الآبق وحفر الآبار فهذا ليس للورثة أن يمنعوه من إتمامه، وأما ما يتبعض كالحصد واللقط (١) وحفر الآبار فهذا لا يلزم ورثة الملتزم أن يبقوه على ذلك إلا أن يكون الاقتضاء يحتاج إلى شخوص من البلد ومات الملتزم بعد أن شرع الملتزم له في الطلب والشخوص. قال ابن رشد: فهذا يجب أن يكون له القيام في اقتضاء ما كان قام فيه ولورثته إن مات يعني الملتزمَ له القيامُ مقامَه. والله تعالى أعلم؛ واعلم أن في كلام ابن رشد الخلاف في مسألة الخلع وفي مسألة من قال: احلف لي ولك كذا وكذا هل يفتقر للحوز قبل الموت والفلس أم لا؟ والظاهر من كلامه ترجيح القول بأنه لا يفتقر إلى ذلك. والله سبحانه وتعالى أعلم. وفي المدونة: وإن كان لك عليه ألف درهم حالة فأشهدت أنه إن أعطاك مائة من الألف الحالة إلى شهر فباقيها ساقط عنه وإن لم يفعل فالألف كله لازم له فذلك جائز ولكما لازم. قال أبو الحسن: إن أتى بالحق كله للوقت فذلك لازم، وإن مضى الأجل ولم يأت به أو بقي منه ما له بال رجع إليه بجميع حقه، وإن أتى به للوقت إلا درهما أو بعد الوقت بيوم فهل يلزمه أم لا؟ في ذلك اختلاف. اهـ. وهذا كله إذا كان الحق حالا أو حل أجله، وأما إذا كان مؤجلا ولم يحل الأجل فلا يجوز أن يضع بعض الحق على أن يعجله له لأنه يدخله ضع وتعجل، وإن وقع ذلك فالحق باق إلى أجله.
النوع السادس: الالتزامُ المعلق على الفعل الذي فيه منفعة للملتزَم له بفتح الزاي كقولك لشخص: إن بنيت بيتك أو إن تزوجت فلك كذا وحكمه حكم الالتزام المعلق على فعل غير الملتزم والملتزم له فهو لازم إذا وقع العلق عليه، إلا أنهم لاحظوا في هذا كونه في معنى العوض عن تلك المنفعة فجعلوه لازما لا يفتقر إلى حيازة. قال عبد العزيز بن أبي حازم: في رجل قال لابنه: إن تزوجت فلك جاريتي فلانة، هل يلزمه ذلك؟ قال: نعم، إذا تزوج فهي له، فإن مات الأب أخذها من رأس المال، قال ابن أبي حازم: وإن كان على الأب دين حاص الغرماء بذلك. قال عيسى: قال
(١) في تحرير الكلام في مسائل الالتزام للحطاب ص ٢٣٠: كالحصد واللقط واقتضاء الدين فهذا لا يلزم لخ.