للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واعلم أن الشروط في النكاح إذا لم تتعلق بطلاق أو عتق معين أو تمليك للعصمة فالمشهور عدم القضاء بها، وامرأة تزوجها رجل وكانت قبله تحت آخر فارقها والتزمت للزوج الثاني أنها متى تزوجت الأول مدة عشرين سنة فعليها مائة دينار لزوجها الثاني، ففارقها الثاني وتزوجت الأول قبل تمام المدة، الجاري على المشهور لا شيء عليها، وحديث (إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج) (١) في الصحيحين، وهو إنما هو في اشتراط المرأة على الزوج، فالحانث في العطية لا يقضى عليه كهي في هذا الفرض، فلا فرق بين زوج وغيره. والله تعالى أعلم.

فرع: لو طلبت الحاضنة الانتقال بالأولاد إلى موضع بعيد فشرط الأب عليها نفقتهم وكسوتهم جاز ذلك، وكذا إن خاف أن تخرج بهم بغير إذنه فشرط عليها إن فعلت ذلك فنفقتهم وكسوتهم عليها لزمها ذلك. قاله بعض الأندلسيين. قال الحطاب: بل الظاهر أن خروجها بهم إلى المكان البعيد بغير إذنه يوجب نفقتهم عليها لا سيما إن تعذر على الأب ردهم، بل قد اختلف في سقوط النفقة عن الأب إذا خرجت بهم إلى المكان القريب الذي يجوز لها الخروج بهم إليه ولا تسقط حضانتها. قال ابن راشد القفصي: حيث قلنا: تخرج بهم فحقهم في النفقة باق على أبيهم في ظاهر المذهب، وحكى في الطرر عن ابن جماهر الطليطلي إذا خرجت ببنيها إلى الصائفة يسقط الفرض عن أبيهم مدة مقامهم. اهـ. واقتصر ابن عرفة على ما حكاه صاحب الطرر، ورجح في الشامل الأول، وحكى الثاني بقيل. ومن التزم لإنسان أنه إن سافر من هذه البلدة فله عليه كذا وكذا فالمشهور أنه لا يقضى عليه بهذا الالتزام.

التنبيه الرابع: اعلم أن الالتزام المعلق على فعل الملتزم له بفتح الزاي على سبعة أنواع، لأن ذلك الفعل إما أن يكون غير اختياري أو اختياريا، والاختياري إما أن يكون واجبا أو حراما أو جانزا، والجائز إما أن يكون لا منفعة فيه أو فيه منفعة، والذي فيه المنفعة لا يخلو إما أن تكون المنفعة فيه للملتزم بكسر الزاي أو الملتزَم له بفتح الزاي أو لغيرهما. النوع الأول: الالتزام المعلق على الفعل الذي ليس باختياري كقوله لزوجته: إن ولدت غلاما فلك كذا وكذا، وحكمُه إذا وجد


(١) البخاري، كتاب الشروط، رقم الحديث ٢٧٢١: بلفظ إن أحق الشروط الخ.