للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من نذر طاعة، فالوفاء بها عليه واجب، وقوله: ولا أرى ذلك لازما، معناه لا يحكم به عليه لا أن ذلك ليس بلازم فيما بينه وبين الله.

فرع: اعلم أن العِدَة ليس فيها إلزام الشخص نفسه شيئا الآن، وإنما هي كما قال ابن عرفة: إخبار عن إنشاء المخبر معروفا في المستقبل، ولا خلاف في أن الوفاء بها مطلوب شرعا، واختلف في وجوب القضاء بها على أربعة أقوال، قيل: يقضى بها مطلقا، وقيل: لا يقضى بها مطلقا، وقيل: يقضى بها إن كانت على سبب وإن لم يدخل الموعود بسبب العدة في شيء، كقولك: أريد أن أتزوج أو أن اشتري كذا أو أن أقضي غرمائي فأسلفني كذا، أو أريد أن أركب غدا إلى بلاد كذا فأعرني دابتك، أو أن أحرث أرضي فأعرني بقرك، قال: نعم، ثم بدا له قبل أن يتزوج أو قبل أن يشتري أو أن يسافر فإن ذلك يلزمه ويقضى عليه به ما لم يترك الأمر الذي وعدك عليه، وكذا لو لم تسأله وقال لك هو من نفسه: أنا أسلفك كذا أو أهب لك كذا لتتزوج أو لتقضي دينك أو نحو ذلك، فإن ذلك يلزمه ويقضى عليه به، ولا يقضى بها إن كانت على غير سبب، كما إذا قلت: أسلفني كذا ولم تذكر سببا أو أعرني دابتك أو بقرتك ولم تذكر سفرا ولا حاجة، فقال: نعم، ثم بدا له. القولُ الرابع: يقضى بها إن كانت على سبب ودخل في الشيء بسبب العدة، وهذا هو المشهور من الأقوال. قاله ابن رشد. قاله الحطاب. وقد مر ذكر هذه الأقوال على سبيل الاختصار.

التنبيه الثالث: قال الإمام الحطاب: الالتزام المعلق على فعل الملتزِم بالكسر لا يخلو إما أن يكون القصد بالالتزام الامتناع من ذلك الفعل المعلق عليه كقوله: لزوجته إن تزوجت عليك فلك ألف دينار، وإما أن يكون القصد حصول ذلك الفعل ويكون الشيء الذي التزمه شكرا لله على حصوله، كقوله: إن قدمت من هذا السفر فلفلان علي ألف درهم، وإن أتممت هذه الدار أو هذا الكتاب فعلي كذا، وهذا الثاني من باب النذور، وقد ذكروا في باب النذر أن من علق العتق أو الهدي أو الصدقة على الملك يلزم مثل أن يقول: إن ملكت عبد فلان فهو حر، فإنه يلزمه العتق إذا ملكه، وذكر ابن عبد السلام وغيره: أن المفلس إذا التزم عطية شيء إن ملكه أنه يلزمه إذا ملكه بعد ذلك ولم يكن عليه دين. قال الحطاب: وهذا في العتق لازم ويقضى به، وأما الهدي فإنه لازم ولا